مقدمة:
بحلول العام 2011 شهدت مصر ثورة شعبية أطاحت في نهاية مطافها برموز النظام الحاكم في ذلك الوقت، ومن ثم تطلعت كثير من المؤسسات والمنظمات الحقوقية إلى حدوث طفرة في حالة الحقوق والحريات، إذ أن أحد مسببات الثورة وبواعثها كان ملف حقوق الإنسان والتعامل الأمني في هذا الملف.
غير أن الواقع شهد تربصا بالمؤسسات والنشطاء الحقوقيين، فمن اقتحام مقار بعض المراكز إلى إلقاء القبض على بعض العاملين فيها إلى فتح ملف القضية 173 لسنة 2011 المعروفة إعلاميا بقضية التمويل الأجنبي والتي اختلط فيها الصالح بغيره، ولم يتم التمييز بين من تلقى تمويلا لتمويل أنشطة معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيز مسيرتها في مصر وبين من تلقاه لإحداث فتنة أو توتر أو مآرب خاصة، بحيث أضحت تلك القضية تكئة للنظام لحصار الأنشطة الدفاعية والقائمين عليها وملاحقتهم والتحقيق معهم والحجز على أموال الأشخاص الناشطين والمراكز والمؤسسات بحجة أنها غير شرعية أو أنها تلقت تمويلا أجنبيا، ولم تسلم تلك المؤسسات التي اتخذت الشكل القانوني الذي ترتضيه الدولة وهو شكل الجمعيات الأهلية والمؤسسات وفق أحكام القانون رقم 84 لسنة 2002 من التنكيل والملاحقة ولكن بأشكال أخرى حيث دأبت وزارة التضامن المعنية بالموافقة أو الرفض على أية منح تتلقاها تلك الجمعيات من الخارج على عدم الرد على طلبات الجمعيات في هذا الشأن، الأمر الذي أدى إلى إغلاق البعض وتعثر البعض عن المدفوعات الملتزم بها من إيجار مقرات ومرتبات عاملين، واضطر البعض إلى قصر أنشطته في أضيق الحدود والمجالات.
ومن ثم ولأن حقوق الإنسان مسيرة يجب أن تتواصل وتستمر، ركزت بعض المؤسسات على نشاط قانوني يسهم في تعزيز وحماية حقوق الإنسان واتصال مسيرتها من حيث انقطعت، اعتمادا على فهم دقيق للقانون المصري وحدود الحقوق والحريات المكفولة بموجب الدستور، فاتخذت لذلك طريقا يعتمد على الحق في التقاضي التماسا لفتح الأبواب أمام الحماية القضائية لمسيرة حقوق الإنسان وتنفيذا لكفالة الدستور لهذه الحقوق.
لماذا الدليل؟:
ولأن الحق في التقاضي حق يعني بالترضية القانونية المناسبة لصاحب الصفة والمصلحة في الدعوى المنظورة أمام القضاء، كان التقاضي الاستراتيجي الأبعد أثرا والأكثر قدرة على تقرير الحقوق وخاصة المساواة لفئات عريضة من الأشخاص تتجاوز حدود ذوي الصفة والمصلحة، وتمثل آلية حقيقية لتغيير السياسات ومساهمة في صنع القرار التشريعي الداعم لتعزيز مسيرة حقوق الإنسان والضامن لكل مواطن في ممارسة حقوقه وحرياته على قدم المساواة مع الآخرين.
ولذا كان هذا الدليل بين أيديكم: “المساواة، دليل التقاضي الاستراتيجي”.
لمن هذا الدليل؟:
وهذا الدليل موجه في الأساس لشباب المحامين والقانونيين لتمكينهم من استخدام التقاضي الاستراتيجي أمام القضاء في قضايا نوعيه تهم قطاعات عريضة من المواطنين للفت النظر للقضية ولمحاولة إحداث أثر من خلالها يدعم حقوق هذه الفئة أو يرسخ لمبدأ قضائي جديد بشأنهم، أو يلغي تشريعا أو نصا قانونيا ينال من حقوقهم أو يمكن بعض الفئات الأولى بالحماية، أو يلفت النظر لحق مهمل-منصوص عليه قانونا- لضمان التمتع بممارسته في الحدود التي أقرها القانون.
كما يمكن أن يستفيد من هذا الدليل بعض الشباب من الأحزاب السياسية وخاصة في مجال حملات الدعوة وكسب التأييد بحسبان أنها طريق لازم ولوجه بالتزامن مع عملية التقاضي الاستراتيجي لضمان تكوين الرأي العام الداعم للحق موضوع التقاضي، أو باعتبار حملات الدعوة وكسب التأييد في بعض الأحيان بديلا لعملية التقاضي الاستراتيجي عينها في حال تعذرها أو عدم إمكانية الولوج إليها قانونا لاعتبارات يقدرها في ضوء القانون والدستور والوضع العام، القائمين عليها.
محتويات الدليل:
يحتوى الدليل التدريبي على تسع وحدات تدريبية على نحو ما يلي:
الوحدة الأولى: التعارف والتوقعات والنتائج المرجوة.
الوحدة الثانية: فلسفة حقوق الإنسان وتطورها.
الوحدة الثالثة: المساواة ومنع التمييز في المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية.
الوحدة الرابعة: التقاضي كآلية لمنع التمييز.
الوحدة الخامسة: الفئات المهمشة بين المبادئ الدستورية والتطبيقات القضائية.
الوحدة السادسة: التقاضي الاستراتيجي، المفهوم والآليات والإجراءات والأهداف والإشكاليات.
الوحدة السابعة: التقاضي الاستراتيجي والبدائل المتاحة كحملات الدعوة وكسب التأييد.
الوحدة الثامنة: صور التقاضي الاستراتيجي.
الوحدة التاسعة: بعض نماذج تجارب التقاضي الاستراتيجي في مصر.
الوحدة التدريبية الأولى
التعارف والتوقعات والأهداف العامة والخاصة للتدريب
الهدف العام :
التعارف العام بين المشاركين في التدريب والمدربين والجهه المنظمة.
الأهداف المرحلية:
أ/ التعارف وكسر الجمود بين أفراد المجموعة.
ب/التعريف بالبرنامج التدريبي والدليل وكيفية الاستفادة منهما.
ج/بناء الثقة بين المدربين والمتدربين والتواصل بينهما.
د/استعراض توقعات المتدربين من الدورة التدريبية.
ه/وضع قواعد العمل الخاصة بالتدريب.
مخرجات الوحدة التدريبية :
*إقرار قواعد عمل واضحة للدورة التدريبية.
*التعارف بين المتدربين والمدربين وفريق العمل وبناء جسور التواصل.
*التعرف علي أهداف التدريب وأهميته ومدته والاستفادة منه.
زمن الجلسة : (90 دقيقة).
المنهج التدريبي :حوار مفتوح.
الأدوات التدريبية : ورق قلاب-أقلام-داتا شو.
الموضوع | المضمون | المنهج التدريبي | الوقت |
كلمة افتتاحية | يقوم مسئول الجهة المنظمة للتدريب بتقديم كلمة افتتاحية يرحب فيها بالمشاركين ويشرح من خلالها مشروع التدريب وغايته وأنشطته وأهدافه. | 15 دقيقة | |
نشاط التعارف | نشاط: القيم المشتركة: يدون المدرب على الورق القلاب أربعة قيم أساسية:
1/ المساواة المطلقة بين البشر. 2/ حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية. 3/ حقوق المرأة. 4/ حرية الرأي والتعبير. *يطلب من كل متدرب اختيار قيمة واحدة فقط من هذه القيم. *يقسم المتدربين إلى أربعة مجموعات بحسبما اختاروه من قيم. *يمنح المجموعات (15) دقيقة يعملون خلالها على ما يلي: أسباب اختيار هذه القيمة وحالتها في الواقع. *هل هناك مساواة في ممارسة هذه القيمة أم يوجد تمييز في ذلك، ولماذا؟ آليات نشر هذه القيمة في المجتمع. *التعارف فيما بينهم بحسب الاسم، الهواية، …. يطلب من كل مجموعة اختيار فرد منها لعرض نتائج مناقشاتهم، وتعريف الآخرين على كل فرد في المجموعة. |
40 دقيقة | |
نشاط التوقعات | يطرح الميسر علي المتدربين سؤالا حول ما هي توقعاتهم جراء التدريب؟..ويختار أحدهم ليقوم بكتابة توقعات المشاركين علي ورق قلاب. | حوار مفتوح | 10 دقيقة |
قواعد العمل | لضمان أفضل استفادة ممكنة من التدريب ما هي القواعد الواجب اتباعها أثناء الجلسات التدريبية؟ سؤال يطرحه الميسر علي المتدربين ويقوم بتدوين ما توصلوا إليه ثم تعليقه في مكان ظاهر من القاعة. | حوار | 10 دقائق |
التقييم القبلي | يشرح الميسر للمتدربين ماهية التقييم القبلي وأهميته في قياس مخرجات التدريب. | 15 دقيقة |
الوحدة التدريبية الثانية
فلسفة حقوق الإنسان وتطورها
هدف الوحدة التدريبية: يصبح المتدربين ملمين بالأصول المرجعية والفلسفية لحقوق الإنسان ونشأتها وتطورها ومصادرها في القانون الدولي.
الوسائل التدريبية: لوح قلاب، أقلام ملونة، داتا شو.
أسلوب التدريب: نشاط للتحفيز، نقاش، عصف ذهني.
مرفقات: ورقة مرجعية رقم 1 بعنوان فلسفة حقوق الإنسان وتطورها.
النشاط التحفيزي: بالون الأسئلة:
الهدف: قياس مدى إلمام المتدربين بماهية الحقوق والحريات. قياس المعرفة بتطور فلسفة حقوق الإنسان. تشجيع المتدربين على الإدلاء بآرائهم . مفاهيم حول حقوق الإنسان.
المواد اللازمة للنشاط: بالونات بعدد المتدربين.
الإجراءات: يجهز المدرب عددا من الأسئلة أو العبارات المتعلقة بحقوق الإنسان وحرياته، مثل: ما هو الحق؟ أو الحرية؟ أو اذكر ما تعرفه عن حقوق الإنسان في الشرائع القانونية القديمة؟.
ثم توضع الأسئلة داخل البالونات ويقوم كل متدرب باختيار بالون ونفخه ووضعه أمامه. ثم يتم تفجير البالونات كلها في وقت واحد. يستخرج كل متدرب الورقة الخاصة به ويدلي برأيه حولها.
مدة النشاط التحفيزي: 30 دقيقة.
مدة الوحدة التدريبية: (120) دقيقة.
فلسفة حقوق الإنسان وتطورها
تمهيد:
منذ ولد الإنسان ولدت معه حقوقه، لكن الوعي بهذه الحقوق والاعتراف بها ومن ثم التمتع بها اتخذ مسيرة طويلة في التاريخ البشري، وستبقي مسيرة حقوق الإنسان مستمرة طالما وجد الإنسان علي هذه الأرض.
فهي لم تنبت من عدم، ولا وجدت كما هي الآن فجأة، بل مرت بمراحل متعددة كي تصل إلينا، وكي نبني عليها.
فمن المعروف أن كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وحرياته هي الحد الأدنى المطلوب توفره للإنسان في أي مكان على الأرض ولا تمنع من أن يصدر قانون أو تشريع يقرر للإنسان حقوقا أكثر أو مساحات أوسع للتمتع به.
وهذا ما نوهت عنه المادة 5 فقرة 2 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بقولها:
( لا يقبل فرض أي قيد أو أي تضييق على أي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف أو النافذة في أي بلد تطبيقا لقوانين أو اتفاقيات أو أنظمة أو أعراف، بذريعة كون هذا العهد لا يعترف بها أو كون اعترافه بها في أضيق مدى).
وحقوق الإنسان هي تراث إنساني مشترك، ساهمت فيه كل شعوب الأرض فمن إرهاصاته الأولى في الحضارات الشرقية القديمة، مرورا بأفكار فلاسفة الإغريق، فالأديان والشرائع السماوية، وفلاسفة عصر النهضة، إلى صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر 1948 تاريخ طويل وتراث بشري ساهم فيه الجميع من أجل الجميع.
ماهية حقوق الإنسان:
لم يتم الاتفاق على تعريف واحد لماهية حقوق الإنسان، فالتعريف يختلف بحسب المدارس الفكرية والثقافية لواضع التعريف، فمثلا عرفها البعض بأنها:
حقوق الإنسان هي تلك الحقوق التي يملكها كل كائن بشري ويتمتع بها، وتحافظ على كرامته، وتسعى لازدهاره وتقدمه، ويستفيد من حمايتها ضحايا انتهاكاتها، وتكون متناسقة مع النظام العام، ولا يجوز التنازل عنها، ويجب تطبيقها من دون أي تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، ويفرض كل من القانونين الدولي والدستوري على الدولة احترامها وحمايتها، تطبيقا لما نصت عليه الصكوك الدولية والإقليمية، وما اعتمدته من آليات لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
بينما رأى آخرون أنها:
وجود مطالب واجبة الوفاء بقدرات أو إمكانات معينة، يلزم توافرها على أسس أخلاقية لكل البشر، دونما تمييز فيما بينهم على أساس النوع، أو الجنس، أو اللون، أو العقيدة، أو الطبقة، ذلك على قدم المساواة بينهم جميعا، ودون أن يكون لأي منهم أن يتنازل عنها.
وترى الأمم المتحدة أنها:
حقوق متأصلة في جميع البشر، مهما كانت جنسيتهم، أو مكان إقامتهم، أو نوع جنسهم، أو أصلهم الوطني أو العرقي، أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو أي وضع آخر. إن لنا جميع الحق في الحصول على حقوقنا الإنسانية على قدم المساواة وبدون تمييز. وجميع هذه الحقوق مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة.
والحق أن تعريف الأمم المتحدة الذي نميل إليه يحدد خصائص حقوق الإنسان من حيث أنها حقوق أصلية، ذات طابع عالمي، لا يمكن التنازل عنها أو الانتقاص منها، لا تقبل التجزئة.
جذور حقوق الإنسان:
1/ الحضارة الفرعونية القديمة:
من العجيب ونحن بصدد بحث مسألة تاريخ حقوق الإنسان في العالم أننا نجد لها إرهاصات منذ أزمان سحيقة ، وقد وجدنا لها بدايات في الحضارة الفرعونية القديمة.
ففي كتاب ” أمينوبي” تعاليم واضحة، موجهة للحاكم العادل حتى تكون المحاكمة نزيهة، وحتى لا تميز بين غني أو فقير، أو بين قوي وضعيف:
(لا تجبر، رجلاً على الذهاب إلى المحكمة. لأنك لن تستطيع أن تلوي العدالة فلا تيمم وجهك نحو صاحب الملابس البراقة بينما تطرد من تكون ملابسه بالية.
لا تأخذ العطايا من القوى ولا تضطهد الضعيف من أجله فالعدالة هبة عظيمة من الله يهبها لمن يشاء وبقوة الله يفلت المظلوم من ضربات القاضي أعط المتاع لأصحابه تصنع لنفسك الحياة).
ولقد كانت فكرة العدالة والمساواة بين الناس تشغل مكاناً هاماً من الفكر والعقيدة في مصر القديمة منذ عهد بناة الأهرام قبل خمسة آلاف عام، وأول التعاليم المحددة التي تعلن المساواة بين الناس بنص الكلمات تعود إلى ما يسمى بالعصر الإقطاعي في التاريخ المصري القديم” منذ 4500 سنة تقريباً “وذلك في إعلان “ست حزحتب” وهو عبارة عن خطاب ملكي باسم إله الشمس، وجاء فيه:
(لقد خلت الرياح الأربعة ليتنفس بها الإنسان مثل أخيه الإنسان مدة حياته ولقد خلقت الحياة العظيمة ليستعملها الفقير مثل السيد. لقد خلقت كل رجل مثل أخيه. وحرمت عليهم إتيان السوء ولكن قلوبهم هي التي نكست).
وهذا الإعلان يؤكد على حق المساواة وفكرة توزيع خيرات الطبيع.ومن ثم فلدينا في هذه النصوص حقان أساسيان وهما حق المحاكمة العادلة، والحق في المساواة وإن كان تم ردهما إلى أصلهما الديني وسط بيئة متدينة تؤمن بالرب وبالحياة الآخرة.
بالإضافة إلى التنظيم القضائي في العصر الفرعوني والذي عرف نوعين من المحاكم أولهما محاكم الأقاليم، والمحكمة المركزية أو العليا والتي تنعقد جلساتها بالقصر الفرعوني للنظر في الدعاوى التي لم يرتضي أصحابها بما قضت به محاكم الأقاليم أو ما يمكن تسميته الآن بنظام التقاضي على درجتين.
2/ حضارات الشرق الأقصى:
في الهند ظهر (بوذا) في الفترة من 560 -480 ق.م حيث مثلت تعاليمه وجسدت كثيرا من مبادئ المساواة والحرية ونشر العدالة ومنها:
(لا فرق بين جسم الأمير وجسم المتسول الفقير وكذلك لا فرق بين روحيهما).
وفي الصين مثلت تعاليم كونفوشيوس أساسا أخلاقيا لحقوق وحريات الآخرين واحترامهم.
3/ حضارات العراق القديمة:
تمثل مدونة “أوركاجينا” حاكم دولة “لكش” في عام 2375 ق.م، إحدي حلقات اهتمام العالم القديم بحقوق الإنسان، حيث ورد في متن هذه المدونة نص يقول: (بيت الفقير صار بجوار بيت الغني) في دلالة عامة علي الحق في المساواة.
تضمن قانون (أورنمو) العديد من النصوص التي يمكن اعتبارها جذورا متقدمة لحقوق الإنسان، فمثلا نصت المادة 16 منه على أنه:
(إذا حطم رجل متعمدا طرف رجل اخر بهراوة، عليه أن يدفع منا واحدا من الفضة).
أما المادة (17) منه فنصت على أنه:
(إذا قطع رجل بسكين أنف رجل اخر عليه أن يدفع ثلثي المنا من الفضة).
وبعد ثلاثة قرون من هذا القانون وضع (حمورابي) مدونته القانونية الشهيرة، ويمكن أن نلحظ بها الإرهاصات الأولي لحقوق الإنسان في المادتين 23 و24 منها حيث تعد الدولة مسئولة بموجب هاتين المادتين عن تقصيرها في حماية ممتلكات وأرواح المواطنين، بل وتتحمل دفع تعويضات مالية للمتضررين من جرائم السلب والنهب والسرقة والقتل في حالة فشلها عن تعقب الجناة، وهذا يعني اعترافا منها بحق الإنسان في الملكية والحياة.
الفلسفة الأخلاقية والدينية لحقوق الإنسان:
لعل أفلاطون كان من أوائل الفلاسفة الذين تحدثوا حول القانون الطبيعي باعتباره يقدم المبدأ المنطقي الذي يحكم العالم كله والذي يقول بالمساواة والشمول، وكان ينظر للطبيعة كنظام شامل لكل القواعد المادية مثل القواعد الأخلاقية التي تؤكد على التزام جميع الأفراد باحترام كل منهم الآخر لأنهم متساوون، غير أنه لم يكن يؤمن بالمساواة.
بينما نرى أرسطو والذي خالف في بعض الأحيان فلسفة أستاذه أفلاطون إلا أنه اتفق معه في أن البشر ليسوا متساويين ذلك أن الطبيعة باعتقاده قد ميزت البعض بالعقل ووهبت آخرين القدرة على استعمال أعضاء البدن، فالطبيعة تجعل أجسام الأفراد الأحرار مغايرة لأجسام العبيد.
وذلك على النقيض تماما من الفيلسوف الروماني شيشرون والذي يرى أن القانون الطبيعي مرادف للعقل وأن العالم عالم واحد ل قانون واحد صالح لجميع الأمم وفي مختلف الأوقات لأنه ذو طبيعة واحدة وأن غاية هذا القانون تحقيق العدالة والفضيلة ما دام قد انبثق عن طبيعة إلهية عادلة وفاضلة، وان الأفراد متساوون في ظل هذا القانون جميعاً بالحقوق القانونية وبالمساواة أمام الله وأمام قانونه الأعلى.
كما أدلت الأديان السماوية الثلاث بدلوها في هذا السياق فنرى الديانة اليهودية تنادي باحترام حياة الإنسان، لأنه هبة من هبات الله، وتدافع هذه التعاليم أيضا عن حقوق الإنسان وحريته وكرامته. وحرمت التوراة قتل الإنسان، ودعت إلى أن يحب اليهودي غيره كما يحب نفسه.
ولعل المسيحية رسخت لأفكار مثل التسامح والمحبة ونشر السلام بين البشر والتصالح ونبذ العنف، وأسهمت بالتأكيد على حق الحياة والكرامة والحرية.
أما في الإسلام فقد حضت العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على احترام حقوق الإنسان وكرامته وإنسانيته، وتوعدت بالقصاص كل من يتعدى على هذه الحقوق، أو ينال منها أو يتعرض إليها. وتعد وثيقة حجة الوداع في السنة العاشرة للهجرة والتي جاءت على لسان الرسول الكريم أول وثيقة إسلامية تنص على مبدأ المساواة بين جميع المسلمين على اختلاف ألوانهم وأصولهم وأعراقهم، وتحض على تكريم المرأة، وتحظر القتال بين المسلمين وإهدار دمائهم، والحفاظ على حياتهم وكرامتهم.
فلسفة حقوق الإنسان في عصر النهضة:
في أوروبا في القرن الثالث عشر الميلادي صدرت في انجلترا “وثيقة العهد الأعظم” أو “الماجنا كارتا” في عام 1215م، علي إثر ثورة عارمة ضد الملك وخلاصتها منح بعض الحقوق لفئة النبلاء في المجتمع الإنجليزي، وقد احتوت هذه الوثيقة علي 63 مادة كان موضوعها الأساسي هو ضمان حقوق الإقطاع في وجه الملك كما كرست حريات الكنيسة وحقوق المدن ضد تعسف الحاكم وكذلك حقوق النساء والأرامل والسيطرة علي فرض الضرائب من قبل مجلس العموم، ولعل أهم ما ورد بها من حقوق هو : عدم جواز القبض علي أي إنسان أو اعتقاله دون سند قانوني(م39) كما سمحت المادة (42) منها بحرية التنقل والسفر من المملكة إلي خارجها والعكس، وعدم جواز فرض الأحكام العرفية في زمن السلم.
عريضة الحقوق:
صدرت عام 1628 في إنجلترا وهي عريضة رفعها البرلمان للملك شارل الأول يذكره فيها بحقوق
وحريات الشعب الإنجليزي وتؤكد العريضة على مبدأين أساسيين: احترام الحرية الشخصية وحفظها عن طريق منع التوقيف التعسفي بدون محاكمة وعدم فرض ضرائب جديدة بدون مراقبة البرلمان.
وجاء فيها ” لا يسجن أي شخص إلا بتهمة حقيقية محددة ولا تعلن الأحكام العرفية وقت السلم”.
مذكرة الإيباس كوربس:
صدرت عام 1679 والتي تعني “إليك جسدك” في إنجلترا لتأكيد حماية الحرية الشخصية من تعسف الإدارة. وتتعلق الوثيقة أساساً بحقوق المتهم وعدم اعتقاله بصورة تعسفية كما تؤكد على قواعد وأصول المحاكمة العاجلة ومعاملة الموقوفين والسجناء وخاصةً بما يتعلق بالتوقيف الاحتياطي وتقصيره إلى أدنى حد ممكن. ونصت على “الأمر الذي يصدره القاضي إلى المسئول الذي يتولى سجن شخص ما ليحضر السجين فوراً إلى المحكمة لتنظر بأمر قانونية سجنه وتتولى محاكمته هي أو محكمة أخرى”، كما تضمن قانون الإيباس كوربس عقوبات شديدة بحق كل قاضي أو أي مسئول آخر يخالف أحكامه في إصدار أو تنفيذ أمر إحضار السجين كما تضمن إلزام المخالف بتعويض لمصلحة السجين.
حقوق الإنسان والمفكرين
بدأت الإرهاصات الأولي لحقوق الإنسان في العصر الحديث مع المقولات التي تتناول مسألة العقد الاجتماعي لدي علماء الاجتماع السياسي في أوربا، ونتخير من كتابات هذه الفترة كتابين نلقي عليهما الضوء.
الكتاب الأول:”الحكومة المدنية لجون لوك” :
ويبدأ هذا الكتاب بافتراض ما يسميه لوك “حالة الطبيعة” وهي حالة سابقة علي قيام أية حكومة من الحكومات، وفي حالة الطبيعة تلك يسود “القانون الطبيعي” المؤلف من أوامر لا يقوم بفرضها أي مشرع إنساني، وكل تشريع من وضع البشر لا تثبت له صفة القانون إلا في الحدود التي يتفق فيها مع القانون الطبيعي وعندما يتعارض القانون الوضعي البشري مع القانون الطبيعي تسقط عنه فورا صفة القانون.
وتعني تلك المدرسة وتهتم بمسألة الفصل بين السلطات بمعني ألا تكون السلطة التشريعية والتنفيذية بيد واحدة ولكن يجب الفصل بينهما .
الكتاب الثاني: روح القوانين لمونتسيكيو :
تقوم فكرة البداية وأساس الكتاب الفلسفي علي أن المجتمعات لم تقم بمحض الصدفة بل إن قيامها واقعة طبيعية، وقد فرق مونتسيكيو بين الحريات علي أساس وجود حرية فلسفية وحرية مدنية وحرية سياسية،والحرية المدنية عنده هي:مكنة الفرد في ممارسة إرادته بإتيان فعل أو نشاط خارجي سلبي كان أو إيجابي يمس بالضرورة غيره من الأفراد، بمعني أن الحرية المدنية تتعلق دوما بروابط الفرد مع أقرانه وهو الأمر الذي يعني أن هناك أفعالا لا يجوز الإتيان بها.
حقوق الإنسان والثورات:
أسهمت حركات التحرر والثورات التي جرت في العديد من البلدان بدور كبير في تطوير حقوق الإنسان فقد ورد في مقدمة وثيقة استقلال الولايات المتحدة الأمريكية الصادرة في عام1776: (إن من الحقائق البديهية أن جميع الناس خلقوا متساوين، وقد وهبهم الله حقوقا معينة لا تتنزع منهم، ومن هذه الحقوق حقهم في الحياة والحرية والسعي لبلوغ السعادة، وكلما سارت أيه حكومة من الحكومات هادمة لهذه الغايات، فمن حق الشعب أن يغيرها أو يلزمها، وأن ينشئ حكومة جديدة، ترسي أسس تلك المبادئ، وان تنظم سلطاتها على الشكل الذي يبدو للشعب أنه أفيد من سواه لضمان أمنه وسعادته).
وفي عام 1789 أصدرت الثورة الفرنسية “إعلان حقوق الإنسان والمواطن”ويتألف هذا الإعلان من مقدمة و17 مادة تضمنت العديد من الحقوق والحريات التي أعلنتها فيما بعد المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، فتنص المادة الأولي منه علي أنه”يولد الناس أحرارا ومتساوين في الحقوق”، كما تنص المادة الرابعة علي أن ” احترام الحرية هو القدرة علي القيام بكل ما لا يلحق ضررا بالغير” والمادة السابعة نصت علي عدم اتهام أي إنسان أو القبض عليه أو حبسه إلا في الحالات التي يحددها القانون”، والمادة الثامنة تنص علي مبدأ عدم رجعية القوانين، والمادة التاسعة تنص علي مبدأ أن المتهم برئ حتي تثبت إدانته، أما المادة العاشرة والحادية عشر فكرستا الحق في حرية الرأي والتعبير، وبعد مضي حوالي نصف قرن على صدور الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن، كانت مبادئ هذا الإعلان قد ترسخت من جهة، وظهرت نواقصه العديدة و عيوبه من جهة أخري، فجاء دستور الجمهورية الفرنسية الثانية عام 1848 ليؤكد التمسك بهذه المبادئ وليتممها بحقوق جديدة ذات طابع اقتصادي –اجتماعي.
وفي العام نفسه 1848 صدر البيان الشيوعي عن ماركس وأنجلز والذي كان إيذانا بتحول الماركسية من حركة فلسفية إلى حركة سياسية. ودخلت الماركسية في إطار الصراع كحركة سياسية ضد الليبرالية وبعدها ضد الفاشية والنازية وكان لهذا الصراع أثره الكبير في إظهار حقوق الإنسان وحرياته والنضال من أجلها.
ثم كانت الحرب العالمية الأولي والتي سببت دمارا هائلا في العالم كله علي مستوي الأفراد والممتلكات ، وكان من نتائج هذه الحرب أن تداعت دول العالم إلى السلام وعقد مؤتمر السلام في لاهاي بتاريخ 28/6/1919 واستند هذا المؤتمر إلى مبادئ الرئيس الأمريكي ويلسون الإثني عشر والذي جاء النص فيها أيضا على إنشاء عصبة للأمم تعمل لأجل السلم والحفاظ على الأمن الدولي وحل الخلافات الناشئة بين الدول بشكل سلمي وقد تم فعلا إنشاء هذه العصبة.
إلا أنه لم يكتب لعصبة الأمم أن تعمر طويلا بسبب موقف الدول منها فقد رفضت الولايات المتحدة الانتساب إليها في حين ناصبتها الدول الديكتاتورية العداء بينما اتخذت الدول الأخرى موقفا ضعيفا منها واهتمت بالنظر إلى مصالحها القومية دون اتفاق على نهج سياسي موحد ولم تتورع هذه الدول عن تسخير العصبة لخدمة مصالحها وقد توقفت العصبة فعليا عن العمل باندلاع الحرب العالمية الثانية.
وبسبب هذه الحرب دعت الحاجة إلي إنشاء هيئة الأمم المتحدة والغرض الرئيس منها هو إقرار السلم والأمن الدوليين، وقد جاءت مقدمة ميثاق الأمم المتحدة معبرة عن المثل العليا والأهداف المشتركة التي تتطلع إليها جميع شعوب العالم فوردت هذه المقدمة على الشكل التالي: نحن شعوب الأمم المتحدة آلينا على أنفسنا: أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزانا يعجز عنها الوصف وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية. وأن نهيئ الأحوال التي يمكن في ظلها تحقيق العدالة واحترام الالتزامات الناشئة عن المعاهدات وغيرها من مصادر القانون الدولي. وأن ندفع بالرقي الاجتماعي قدما وأن نرفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح.
ثم صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر عام 1948 ليكون الأب الروحي والشرعي لكل ما تلاه من عهود واتفاقيات دولية تعني بالدفاع عن حقوق وحريات الإنسان وإقرارها.
الوحدة التدريبية الثالثة
المساواة ومنع التمييز
في المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية
هدف الوحدة التدريبية: تمكين المتدربين بحدود مبدأ المساواة بين القانون الدولي لحقوق الإنسان بالمقارنة مع التشريعات الوطنية.
الوسائل التدريبية: لوح قلاب، أقلام ملونة، داتا شو.
أسلوب التدريب: نشاط للتحفيز، نقاش، عصف ذهني.
مرفقات: ورقة مرجعية رقم 2 بعنوان المساواة ومنع التمييز في المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية.
النشاط التحفيزي: صورة مجمعة
الهدف: استخراج معارف المتدربين حول المساواة ومنع التمييز من خلال عاداتهم اليومية والمجتمع المحيط بهم.
المواد اللازمة للنشاط: كاميرا فوتوغرافي، أو هاتف محمول ذو كاميرا، داتا شو لعرض الصورة.
الإجراءات: يطلب المدرب من المتدربين التجمع في وسط القاعة استعداد لالتقاط صورة جماعية لهم، ويترك لهم أمر تنظيم أنفسهم من أجل التقاط الصورة.
بعد التقاط الصورة ووضعها على جهاز العرض يطلب منهم ملاحظاتهم على الصورة، فمثلا قد يسمحون للمتدربات بالجلوس بينما يقف المتدربين، أو يقفون جميعا ويكون بعض قصار القامة في الخلف… هذه الملاحظات تسهم في بيان المساواة بشكل عملي أو أحيانا قد تبرز التمييز الإيجابي سواء لقصار القامة أو للنساء.
مدة النشاط التحفيزي: 30 دقيقة.
المساواة ومنع التمييز
في المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية
مدخل:
خاضت البشرية طوال تاريخها كفاحا مريرا طويلا لإقرار مبدأ المساواة. فكل ما عانته من ويلات من التمييز والاستعلاء والاستحواذ من قبل البعض على كل الخيرات والامتيازات كان دافعا لنضال مستمر لتغيير هذا الوضع والوصول إلى المساواة التامة بين جميع البشر بحسبانهم بشرا.
بالتأكيد لم تصل البشرية إلى الوضع الأمثل للمساواة، لكنها قطعت خطوات مقدرة على الطريق في هذا السياق.
ولا ريب أن التزام الدولة بمبدأ المساواة وعملها على تحقيقه وتجذيره في المجتمع يحقق للمواطنين فيها الطمأنينة والثقة، غير أن المساواة كنص قانوني أو تشريعي أو كالتزام يقع على عاتق الدولة تحقيقه لا ينتج أثره دائما لوجود فئات تحتاج إلى حماية أكثر لتتمكن من أن تتمتع بحقوقها وحرياتها على قدم المساواة مع الآخرين، هذه الفئات في الغالب الأعم وفي معظم المجتمعات الحديثة هي: الأقليات الدينية والعرقية أينما وجدت، والنساء والأطفال وذوي الإعاقة.
لذا نجد الكثير من المواثيق الدولية العامة التي تنص على مبدأ المساواة كحق مطلق طبيعي بين كل البشر جنبا إلى جنب مع مواثيق وإعلانات دولية تعني بتوفير تمييز إيجابي وحماية أكبر للفئات المهمشة التي ذكرناها آنفا، حيث يتضمن القانون الدولي لحقوق الإنسان صكوكا دولية لمكافحة التمييز ضد السكان الأصليين والمهاجرين والأقليات والنساء وذوي الإعاقة والتمييز على أساس الدين أو التوجه الجنسي…
كما لم يكن المشرع المصري ببعيد عن هذا الاتجاه في التشريعات والمواثيق الدولية، بل نجده اتخذ المسلك نفسه، سواء في الدستور أو في التشريعات والقوانين.
أولاً: مبدأ المساواة في المواثيق الدولية:
1/ في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
جاء في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
(لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية و حقوقهم المتساوية هو أساس الحرية و العدل…).
المادة (1) تنص على أنه:
يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة و الحقوق، و قد وهبوا عقلاً و ضميراً، و عليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
المادة (2) نصت على ما يلي:
لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق و الحريات الواردة في هذا الإعلان دون أي تمييز، كالتمييز العنصري أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي، أو أي رأي آخر ، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد، أو أي وضع آخر، دون تفرقة بين الرجال والنساء، وفضلاً عما تقدم فلن يكون هنالك تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد، سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلاً أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي، أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.
المادة (7) تنص على الآتي:
كل الناس سواسية أمام القانون، و لهم الحق بالتمتع بحماية متكافئة من دون أية تفرقة، كما أن لهم الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يخل بهذا الإعلان و ضد أي تحريض على تمييز كهذا.
بينما تنص المادة (10) على أنه:
لكل إنسان الحق على قدم المساواة التامة مع الآخرين في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظراً عادلاً علنياً للفصل في حقوقه و التزاماته و أية تهمة جنائية توجه إليه.
المادة (18) تنص على:
لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حده.
2/ في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية:
جاء في ديباجة العهد ما يلي:
(إن الدول الأطراف في هذا العهد، إذ ترى أن الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل، وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، أساس الحرية والعدل والسلام في العالم).
المادة (2) بند (1) تنص على أنه:
تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، دون أي تمييز بسبب العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا أو غير سياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو غير ذلك من الأسباب.
المادة (3) تنص على ما يلي:
تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بكفالة تساوى الرجال والنساء في حق التمتع بجميع الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في هذا العهد.
المادة (14) فقرة (1) تنص على التالي:
الناس جميعا سواء أمام القضاء. ومن حق كل فرد، لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية، منشأة بحكم القانون. ويجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة، إلا أن أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية، إلا إذا كان الأمر يتصل بأحداث تقتضي مصلحتهم خلاف ذلك أو كانت الدعوى تتناول خلافات بين زوجين أو تتعلق بالوصاية على أطفال.
المادة (14) فقرة (3) تنص على أنه:
لكل متهم بجريمة أن يتمتع أثناء النظر في قضيته، وعلى قدم المساواة التامة، بالضمانات الدنيا التالية:
(أ) أن يتم إعلامه سريعا وبالتفصيل، وفى لغة يفهمها، بطبيعة التهمة الموجهة إليه وأسبابها،
(ب) أن يعطى من الوقت ومن التسهيلات ما يكفيه لإعداد دفاعه وللاتصال بمحام يختاره بنفسه،…
المادة (18) تنص على أنه:
أ/ لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
ب/ لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره.
ج/ لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.
3/ في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
جاء في مطلع ديباجة العهد ما يلي:
(إن الدول الأطراف في هذا العهد، إذ ترى أن الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، أساس الحرية والعدل والسلام في العالم،….).
المادة (3) نصت على التالي:
تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بضمان مساواة الذكور والإناث في حق التمتع بجميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنصوص عليها في هذا العهد.
المادة (7) تنص على أنه:
تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص:
(أ) مكافأة توفر لجميع العمال، كحد أدنى:
*أجر منصفا، ومكافأة متساوية لدى تساوى قيمة العمل دون أي تمييز، على أن يضمن للمرأة خصوصا تمتعها بشروط عمل لا تكون أدنى من تلك التي يتمتع بها الرجل، وتقاضيها أجرا يساوى أجر الرجل لدى تساوى العمل….
(ج) تساوى الجميع في فرص الترقية، داخل عملهم، إلى مرتبة أعلى ملائمة، دون إخضاع ذلك إلا لاعتباري الأقدمية والكفاءة.
ثانيا: الحق في المساواة للفئات المستضعفة والمهمشة:
1/ إعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد:
جاء في ديباجة الإعلان:
(وإذ تضع في اعتبارها أن الدين أو المعتقد هو، لكل امرئ يؤمن به، أحد العناصر الأساسية في تصوره للحياة، وأن من الواجب احترام حرية الدين أو المعتقد وضمانها بصورة تامة،
وإذ تضع في اعتبارها أن من الجوهري تعزيز التفاهم والتسامح والاحترام في الشؤون المتصلة بحرية الدين والمعتقد، وكفالة عدم السماح باستخدام الدين أو المعتقد لأغراض تخالف ميثاق الأمم المتحدة وغيره من صكوكها ذات الصلة بالموضوع، وأغراض ومبادئ هذا الإعلان…).
المادة (1) تنص على ما يلي:
(أ) لكل إنسان الحق في حرية التفكير والوجدان والدين. ويشمل هذا الحق حرية الإيمان بدين أو بأي معتقد يختاره، وحرية إظهار دينه أو معتقده عن طريق العبادة وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، سواء بمفرده أو مع جماعة، وجهرا أو سرا.
(ب) لا يحوز تعريض أحد لقسر يحد من حريته في أن يكون له دين أو معتقد من اختياره.
(ج) لا يجوز إخضاع حرية المرء في إظهار دينه أو معتقداته إلا لما قد يفرضه القانون من حدود تكون ضرورية لحماية الأمن العام أو النظام العام أو الصحة العامة أو الأخلاق العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.
المادة (2) تنص على أنه:
أ/ لا يجوز تعريض أحد للتمييز من قبل أية دولة أو مؤسسة أو مجموعة أشخاص أو شخص على أساس الدين أو غيره من المعتقدات.
ب/ في مصطلح هذا الإعلان، تعنى عبارة “التعصب والتمييز القائمان على أساس الدين أو المعتقد” أي ميز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس الدين أو المعتقد ويكون غرضه أو أثره تعطيل أو انتقاص الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على أساس من المساواة.
المادة (6) تنص على أنه:
وفقا للمادة 1 من هذا الإعلان، ورهنا بأحكام الفقرة 3 من المادة المذكورة، يشمل الحق في حرية الفكر أو والوجدان أو الدين أو المعتقد، فيما يشمل، الحريات التالية:
أ/ حرية ممارسة العبادة أو عقد الاجتماعات المتصلة بدين أو معتقد ما، وإقامة وصيانة أماكن لهذه الإغراض.
ب/ حرية إقامة وصيانة المؤسسات الخيرية أو الإنسانية المناسبة.
ج/ حرية صنع واقتناء واستعمال القدر الكافي من المواد والأشياء الضرورية المتصلة بطقوس أو عادات دين أو معتقد ما.
د/ حرية كتابة وإصدار وتوزيع منشورات حول هذه المجالات.
ه/ حرية تعليم الدين أو المعتقد في أماكن مناسبة لهذه الأغراض.
و/ حرية التماس وتلقى مساهمات طوعيه، مالية وغير مالية، من الأفراد والمؤسسات.
ز/ حرية تكوين أو تعيين أو انتخاب أو تخليف الزعماء المناسبين الذين تقضي الحاجة بهم لتلبية متطلبات ومعايير أي دين أو معتقد.
ح/ حرية مراعاة أيام الراحة والاحتفال بالأعياد وإقامة الشعائر وفقا لتعاليم دين الشخص أو معتقده.
ط/ حرية إقامة وإدامة الاتصالات بالأفراد والجماعات بشأن أمور الدين أو المعتقد على المستويين القومي والدولي.
اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة:
المادة (1) تنص على التالي:
لأغراض هذه الاتفاقية يعنى مصطلح “التمييز ضد المرأة” أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.
المادة (2) فقرة (أ):
تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:
إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة.
المادة (2) فقرة (ج):
فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل، وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد، من أي عمل تمييزي.
المادة (3) تنص على ما يلي:
تتخذ الدول الأطراف في جميع الميادين، ولاسيما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كل التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لكفالة تطور المرأة وتقدمها الكاملين. وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل.
المادة (7) تنص على أنه:
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل، الحق في:
أ/ التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام.
ب/ المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفى تنفيذ هذه السياسة، وفى شغل الوظائف العامة، وتأدية جميع المهام العامة على جميع المستويات الحكومية.
المادة (8) تنص على أنه:
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل، ودون أي تمييز، فرصة تمثيل حكومتها على المستوى الدولي والاشتراك في أعمال المنظمات الدولية.
المادة (9) تنص على الآتي:
1/ تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها. وتضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبي، أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج، أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية، أو أن تفرض عليها جنسية الزوج.
2/ تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما.
المادة (11) تنص على أنه:
1/ تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل لكي تكفل لها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، نفس الحقوق ولاسيما:
أ/ الحق في العمل بوصفه حقا ثابتا لجميع البشر.
ب/ الحق في التمتع بنفس فرص العمالة، بما في ذلك تطبيق معايير اختيار واحدة في شؤون الاستخدام.
ج/ الحق في حرية اختيار المهنة ونوع العمل، والحق في الترقية والأمن على العمل وفى جميع مزايا وشروط الخدمة، والحق في تلقى التدريب وإعادة التدريب المهني، بما في ذلك التلمذة الحرفية والتدريب المهني المتقدم والتدريب المتكرر.
د/ الحق في المساواة في الأجر، بما في ذلك الاستحقاقات، والحق في المساواة في المعاملة فيما يتعلق بالعمل ذي القيمة المساوية، وكذلك المساواة في المعاملة في تقييم نوعية العمل…
ثالثا المساواة في الدستور المصري:
المادة (3) تنص على أنه:
مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية ، وشؤونهم الدينية ، واختيار قياداتهم الروحية.
المادة (4) تنص على أنه:
السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات ، ويصون وحدته الوطنية التي تقوم علي مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين ، وذلك علي الوجه المبين في الدستور.
المادة (9) تنص على الآتي:
تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين, دون تمييز.
المادة (11) فقرة (1)، (2) تنص على ما يلي:
تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور.
وتعمل الدولة علي اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا في المجالس النيابية، علي النحو الذي يحدده القانون ، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية ، دون تمييز ضدها.
المادة (53) تنص على أنه:
المواطنون لدي القانون سواء ، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة ، لا تمييز بينهم بسبب الدين ، أو العقيدة ، أو الجنس ، أو الأصل ، أو اللون ، أو اللغة، أو الإعاقة ، أو المستوي الاجتماعي ، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر.
التمييز والحض علي الكراهية جريمة ، يعاقب عليها القانون.
تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء علي كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.
المادة (64) تنص على أنه:
حرية الاعتقاد مطلقة.
وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون.
المادة (81) تنص على أنه:
تلتزم الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام ، صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا ، وتوفير فرص العمل لهم ، مع تخصيص نسبة منها لهم ، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة ، وممارستهم جميع الحقوق السياسية ، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين، إعمالا لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص.
المادة (180) تنص على أنه:
تنتخب كل وحدة محلية مجلسا بالاقتراع العام السري المباشر لمدة أربع سنوات ، ويشترط في المترشح ألا تقل سنه عن إحدي وعشرين سنة ميلادية ، وينظم القانون شروط الترشح الأخرى ، وإجراءات الانتخاب علي أن يخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة وربع العدد للمرأة وتتضمن تلك النسبة تمثيلا مناسبا للمسيحيين وذوي الإعاقة ، علي ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالي عدد المقاعد…
المادة (235) تنص على أنه:
يصدر مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانونا لتنظيم بناء وترميم الكنائس ، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية.
المادة (244) تنص على أنه:
تعمل الدولة علي تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوي الإعاقة والمصريين المقيمين في الخارج تمثيلا ملائما في أول مجلس للنواب ينتخب بعد إقرار هذا الدستور ، وذلك علي النحو الذي يحدده القانون.
بعد استعراض بعض المواد التي تعني بمبدأ المساواة وتؤكد عليه سواء في المواثيق الدولية أو في الدستور المصري يتعين علينا أن نشير إلى عدة أمور هامة:
- بعض هذه المواد يتحدث عن المساواة كحق مطلق وطبيعي بين البشر كافة، وبعضها يحمل تمييزا إيجابيا لتأكيد الحماية والمساواة لدى قطاعات بعينها كالأقليات الدينية أو النساء أو الأشخاص ذوي الإعاقة…
- لم نقم برصد كل المواد المعنية بالمساواة سواء في المواثيق الدولية أو في الدستور المصري، فهذا أمر ليس محله هنا، فقط أشرنا لبعض هذه المواد.
- يتوجب على المهتمين بالقانون الانتباه إلى نص المادة 244 من الدستور المصري والتي تلقي التزاما على عاتق الدولة بأن تصدر التشريعات المنفذة لأحكام هذا الدستور مثل نسبة تمثيل المرأة والشباب والمسيحيين في المجالس المحلية على سبيل المثال.
- أن أهمية استعراض النصوص الدولية تكمن في أنها حال تصديق مصر عليها ونشرها في الجريدة الرسمية تصبح تشريعات وطنية يمكن الاستناد إلى نصوصها وأحكامها أمام القضاء الوطني.
الوحدة التدريبية الرابعة
التقاضي كآلية لمنع التمييز
هدف الوحدة التدريبية: يصبح المتدربين على وعي كامل بدور القضاء كآلية لمنع التمييز في المجتمع، كما يتمكنون من التعرف على السوابق القضائية ذات الصلة.
الوسائل التدريبية: لوح قلاب، أقلام ملونة، داتا شو.
أسلوب التدريب: نشاط للتحفيز، نقاش، عصف ذهني، أسئلة حول التجارب الخاصة للمتدربين.
مرفقات: ورقة مرجعية رقم 3 بعنوان التقاضي كآلية لمنع التمييز.
الأنشطة: مجموعات عمل:
يمكن اختيار مجموعات العمل كنشاط بحيث ينقسم المتدربين إلى ثلاث مجموعات تتناول كل مجموعة واحدا من هذه الموضوعات:
أ/ دور القضاء الدستوري كآلية لمنع التمييز.
ب/ دور القضاء الإداري كآلية لتعزيز وإقرار المساواة.
ج/ دور القضاء العادي كآلية لمنع التمييز.
مدة مجموعات العمل: 30 دقيقة
مدة عرض المجموعات: 15 دقيقة، كل مجموعة 5 دقائق.
الهدف: مشاركة المتدربين لخبراتهم في هذا المجال.
المواد اللازمة للنشاط: أوراق قلاب، أقلام ملونة.
التقاضي كآلية لمنع التمييز
مدخل:
الحق في التقاضي أحد الحقوق التي نصت عليها الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، فضلا عن تضمينه في كافة الوثائق الدستورية الوطنية، وذلك كونه الحق الضامن للحقوق الأخرى والقائم بحمايتها والذود عنها، وبدون توافره تصبح الحقوق والحريات حبرا على ورق ونهبا لمن غلب وعودة لشريعة الغاب.
وهو حق قديم وجد مع بداية التجمعات البشرية ففي مصر القديمة قرر المؤرخ الشهير ديودور الصقلي أن عقاب الناس في مصر كان على أساس نياتهم وقصدهم لا على أساس ثرواتهم، وهو ما يدل على خضوع الكل –الغني والفقير-أفراد الطبقات العليا والطبقات الدنيا- لقانون واحد بلا تفرقة، أو ما يمكننا أن نسميه الآن الحق في المساواة أمام القانون.
كما أن الحق في الخصومة القضائية يعد مدخلا للحق في التقاضي يجب تيسيره وتسهيله باعتباره دالا بذاته على مبدأ سيادة القانون ومبدأ المساواة أمام القانون، وفي هذا تقول المحكمة الدستورية العليا في أحد أحكامها:
(وحيث أن ضمان الحق في الخصومة القضائية، لا يكون إلا بوصفها طريقاً وحيداً لمباشرة حق التقاضي المنصوص عليه صراحة في المادة (68) من الدستور، وكان هذا الحق يعتبر لازماً لإنفاذ سيادة القانون التي عقد لها الدستور باباً مستقلاً هو بابه الرابع، محدداً به تلك القواعد التي لا تقوم سيادة القانون- في تقديره- بدونها، هي محور نظامها القانوني وأساس شريعتها وأن ممارستها لسلطاتها لم تعد امتيازاً شخصياً لأحد، ولكنها تباشرها نيابة عن الجماعة ولصالحها مقيدة في ذلك بقواعد قانونية تعلوها، وتعصمها من جموحها لضمان ردها على إعقابها إن هي جاوزتها متخطية حدودها. وإذ كان الدستور قد أقام من حصانة القضاء واستقلاله ضمانين أساسين لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم، فقد أضحى لازماً- وحق التقاضي هو المدخل إلى هذه الحماية- أن يكون هذا الحق مكفولاً بنص صريح في الدستور، كي لا تنعزل حقوق الأفراد وحرياتهم عن وسائل حمايتها، بل تكون معززة بها وتقارنها ضماناً لفعاليتها).
1/ الحق في التقاضي:
الحق في التقاضي هو وسيلة يلجأ إليها شخص للحصول على حق يراه لنفسه تم اغتصابه أو سلبه عنوة سواء من قبل شخص أو أشخاص آخرين أو من قبل جهة الإدارة، فمبدأ سيادة القانون يعني خضوع الإدارة للقانون وإمكانية استرجاع الحقوق للمواطنين منها أو الحصول في نهاية المطاف على الترضية القضائية المناسبة لم تم الإدعاء به من حق.
والحق في التقاضي مكفول بموجب المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان فنجد أنّ
المادة (8) منه تنص على أنه:
لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون.
والمادة (10) منه تنص على أنه:
لكلّ إنسان، وعلى قدم المساواة التامّة مع الآخرين، الحقّ في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظراً منصفاً وعلنياً، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائيّة توجه إليه.
وحددت المادة (14) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بفقراتها السبعة حدود وعناصر الحق في التقاضي، فالناس جميعا سواسية أمام القضاء، وكل متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته في محاكمة عادلة منصفة وعلنية، ولكل متهم أن يتمتع وعلى قدم المساواة التامة بضمانات إعلامه وبالتفصيل عن التهمة الموجهة له وبلغة يفهمها، منحه الوقت الكافي لإعداد دفاعه والاتصال بمحاميه، مناقشة الشهود بنفسه أو بواسطة غيره، المحاكمة دون تأخير، ألا يجبر على الاعتراف على نفسه، التقاضي على درجتين، نظام خاص لمحاكمة الأحداث، عدم جواز المحاكمة عن فعل واحد مرتين.
كما أن الدستور المصري قد اهتم بالحق في التقاضي وأورده بين أحكامه على نحو ما يلي:
المادة (97) تنص على أنه:
التقاضي حق مصون ومكفول للكافة. وتلتزم الدولة بتقريب جهات التقاضي ، و تعمل علي سرعة الفصل في القضايا ، ويحظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء ، ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعي ، والمحاكـم الاستثنائية محظورة.
المادة (98) تنص على أنه:
حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول. واستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع. ويضمن القانون لغير القادرين ماليا وسائل الالتجاء إلي القضاء، والدفاع عن حقوقهم.
المادة (96) تنص على أن:
المتهم بريء حتي تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة ، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات.
وتوفر الدولة الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء ، وفقا للقانون.
المادة (54) تنص على أنه:
الحرية الشخصية حق طبيعي ، وهي مصونة لا تمس ، وفيما عدا حالة التلبس ، لا يجوز القبض علي أحد ، أو تفتيشه ، أو حبسه ، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق.
ويجب أن يبلغ فورا كل من تقيد حريته بأسباب ذلك ، ويحاط بحقوقه كتابة ، ويمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه فورا ، وأن يقدم إلي سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته.
ولا يبدأ التحقيق معه إلا في حضور محاميه ، فإن لم يكن له محام ، ندب له محام ، مع توفير المساعدة اللازمة لذوي الإعاقة ، وفقا للإجراءات المقررة في القانون.
ولكل من تقيد حريته ، ولغيره ، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء ، والفصل فيه خلال أسبوع من ذلك الإجراء ، وإلا وجب الإفراج عنه فورا.
وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطي ، ومدته ، وأسبابه ، وحالات استحقاق التعويض الذي تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطي ، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه.
وفي جميع الأحوال لا يجوز محاكمة المتهم في الجرائم التي يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو منتدب.
2/ مبادئ الحق في التقاضي:
من خلال استقراء النصوص الدولية والنصوص الدستورية المعنية بالحق في التقاضي يمكننا تحديد مبادئ هذا الحق والتي تتمثل في:
أولا: حق اللجوء إلى القضاء:
يستفاد من نص المادة (97) من الدستور حرص الدولة والتزامها بتيسير اللجوء إلى القضاء لمواطنيها ولمن يقيم إقامة قانونية على أرضها. سواء تم ذلك عبر تسهيل وتبسيط إجراءات التقاضي، أو عبر أن تكون المحاكم متوفرة من حيث الوصول والمواصلات للجميع، أو من حيث أعداد القضاة وأعوانهم والخبراء، لأن الحق في اللجوء للقضاء هو المدخل ليمارس القضاء وظيفته في تحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، والقول بغير ذلك يجعل من حق التقاضي عسيرا لا ينهض لتحمل الاختصاصات التي أولاها له الدستور، ولا يستطيع القيام بدوره كسلطة توازن بين السلطتين وبين جموع المواطنين.
(وكان لا يتصور أن تكون للحقوق التي كفلها الدستور قيمة مجردة في ذاتها، ولا أن تعمل في فراغ، ولا أن يكون تأمينها ناشئاً عن مجرد وزنها أو أهميتها في بناء النظام القانوني للدولة، ذلك أن تقرير هذه الحقوق، تغيا دوماً توفير الحماية القانونية التي كفلها، بما في ذلك الحق في الدعوى، وهو حق يقوم مستقلاً عن الحقوق موضوع الدعوى، متوخياً رد الأضرار الناشئة عن الإخلال بتلك الحقوق).
ثانيا: الحق في المساواة أمام القضاء:
المساواة أمام القضاء هي إحدى تطبيقات مبدأ المساواة أمام القانون، وهي تعني بإيجاز شديد:
لكل إنسان طرف في نزاع قضائي مدنيا كان أو جنائيا، الحق في أن يقدم دفاعه وحججه وأدلته على قدم المساواة مع غيره من أطراف الدعوى، سواء كان هذا الأخير شخصا عاديا أم الدولة.
وبعبارة أخرى المساواة أمام القضاء هي: ممارسة جميع المواطنين لحق التقاضي على قدم المساواة أمام محاكم مستقلة محايدة دون تمييز بينهم بسبب الأصل أو اللون أو الدين أو المعتقد أو الجنس أو المعتقد أو الرأي أو التوجه السياسي أو الحزبي أو غيره.
وتوضح المحكمة الدستورية العليا ذلك في أحد أحكامها:
(وحيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الناس لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في النفاذ إلى قاضيهم الطبيعي، ولا في نطاق القواعد الإجرائية والموضوعية التي تحكم الخصومات القضائية المتماثلة، ولا في فعالية ضمانة حق الدفاع التي يكفلها الدستور أو المشرع للحقوق التي يدعونها ولا في اقتضائها وفق مقاييس موحدة عند توافر شروط طلبها، ولا في طرق الطعن التي تنظمها، بل يجب أن يكون للحقوق عينها قواعد موحدة سواء في مجال التداعي بشأنها أو الدفاع عنها أو استئدائها أو الطعن في الأحكام المتعلقة بها، لما كان ذلك، وكان الأصل في المتقاضين في المنازعات التي تختص بها اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي في مركز قانوني متماثل، وكانت تلك المنازعات- وعلى ما سلف بيانه- تتماثل من حيث طبيعتها تماثلاً قاد المشرع إلى توحيد الإجراءات أمامها وفي الطعن في قراراتها قبل إصداره القانون رقم 69 لسنة 1971 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي، وإذا اتجه المشرع في هذا القانون إلى تقرير حق الطعن مباشرة أمام المحكمة الإدارية العليا في القرارات الصادرة من اللجنة القضائية في شأن منازعات فحص ملكية الأراضي المستولى عليها، في حين أنه حظر ذلك في شأن القرارات الصادرة في منازعات توزيع تلك الأراضي واستوجب في نص المادة (13) مكرر (أ)- المطعون عليها- لإسباغ النهائية على تلك القرارات تصديق مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، وبصرف النظر عن أنه لم يحدد حتى أجلاً لإتمام هذا التصديق، فإنه يكون بذلك التباين قد خلق تميزاً لفئة من المتقاضين عن فئة أخرى في مجال الطعن على الأحكام بالرغم من تماثل مراكزهم القانونية واتفاق طبيعة المنازعات التي يتقاضون في شأنها، كما انطوى على إخلال بأصول القواعد الإجرائية لحق التقاضي وهو ما يعد إخلالاً بمبدأ المساواة في مجال حق التقاضي بما يوقع النصين المطعون عليها في حمأة مخالفة أحكام المادتين (40، 68) من الدستور).
ثالثا: محكمة مختصة مستقلة:
الوضع الطبيعي للقضاء هو أن يكون سلطة توازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من جهة، وبين هاتين السلطتين والمواطنون من جهة ثانية.. فليست مهمة القضاء مقصورة على نوع واحد من الحماية هو حماية الشعب، وإنما مهمته حماية النظام القانوني بأسره ممثلاً لقيم الشعب ومفاهيمه. إنه هو الملاذ القانوني الوحيد لحماية الحريات، كما انه الحارس للشرعية وللنظام القانوني.
ومعنى أن تكون المحكمة مختصة أن تكون منشأة بموجب قانون يحدد اختصاصاتها ويكون هذا الإنشاء قبل عرض الدعوى القضائية عليها، ومسألة اختصاص المحكمة واستقلالها هي مسألة ضامنة للحقوق والحريات وللمساواة التي تنص عليها الدستور.
ويُعدّ استقلال السّلطة القضائيّة من أهمّ الضمانات الأساسيّة لفاعليّة الرّقابة القضائيّة في الأنظمة القضائيّة الوطنيّة، ويمثّل جوهر الضمانات لحُسن سير العمليّة القضائية وقدرتها على تشكيل حماية جادّة للحقوق والحرّيات، لما لهذا الاستقلال من أثر بالغ في نزاهة القاضي وحياده عند إصداره الأحكام القضائيّة، لاسيما تلك الأحكام المتعلّقة بانتهاكات حقوق الإنسان وحرّياته.
وفي هذا السياق قضت المحكمة الدستورية العليا بأنه:
(وكان مما ينافي قوة الحقيقة القانونية التي تكشفها الأحكام القضائية وتعبر عنها، أن يخول المشرع جهة ما، أن تعدل من جانبها الآثار القانونية التي رتبها الحكم القضائي، ما لم تكن هذه الجهة قضائية بالنظر إلى خصائص تكوينها، وكان موقعها من التنظيم القضائي، يخولها قانوناً مراقبة هذا الحكم تصويباً لأخطائه الواقعية أو القانونية أو كليهما معاً، فإذا لم تكن الجهة كذلك، فإن تعديل منطوق الحكم أو الخروج عليه، يعد عدواناً على ولاية واستقلال القضاء، وتعطيلاً لدوره في مجال صون الحقوق والحريات على اختلافها بالمخالفة للمادتين 65، 165 من الدستور.
يؤيد ذلك أن هذا الاستقلال- في جوهر معناه وأبعاد آثاره- ليس مجرد عاصم من جموح السلطة التنفيذية يكفها عن التدخل في شئون العدالة، ويمنعها من التأثير فيها إضراراً بقواعد إدارتها، بل هو فوق ذلك، مدخل لسيادة القانون، بما يصون للشرعية بنيانها، ويرسم تخومها، تلك السيادة التي كفلها الدستور بنص المادة 64، وقرنها بمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه في المادة 65، ليكونا معاً قاعدة للحكم فيها، وضابطاً لتصرفاتها).
رابعا: الحق في الدفاع:
الحق في الدفاع هو واحد من أهم عناصر الحق في التقاضي، إذ بدون وجود هذا الحق يفرغ الحق في التقاضي من مضمونه وجوهره ويفتقد لركن أساسي في بنائه، فلما كانت القوانين من الكثرة والتخصص الذي لا يمكن لأشخاص عديدين تحصيلها، وجب أن يناط أمر الدفاع إلى متخصصين يساعدون من ولج ساحة القضاء على شرح دعواه أو إبداء دفاعه أو حتى تقديم المشورة القانونية إليه إن أراد أن يتولى دفاعه بنفسه. لذلك أفرد الدستور المادة 98 منه لحق الدفاع وحده لما له من أهمية في الحق في التقاضي ولإقرار المساواة بين من يستطيع تحمل تبعات وتكلفة الحق في الدفاع ومن لا يستطيع توفر له الدولة من يدافع عنه، كما ربط الدستور بين الحق في الدفاع وتحقيق العدالة وسيادة القانون.
وحق الدفاع هو ضمانة مبدئية لصون الحقوق والحريات:
(وحيث إن ما ينعاه المدعيان من مخالفة النص المطعون فيه للمادة (69) من الدستور. في محله ذلك أن الدستور نظم حق الدفاع محدداً بعض جوانبه مقرراً كفالته كضمانة مبدئية أولية لعدم الإخلال بالحرية الشخصية ولصون الحقوق والحريات جميعها سواء في ذلك تلك التي نص عليها الدستور أو التي قررتها التشريعات المعمول بها فأورد في شأن هذا الحق حكماً قاطعاً حين نص في الفقرة الأولى من المادة(69) من الدستور على أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، ثم خطا الدستور خطوة أبعد بإقرار الفقرة الثانية منه التي تنص على أن تكفل الدولة لغير القادرين مالياً وسائل الالتجاء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم مخولاً المشرع بموجبها تقرير الوسائل الملائمة التي يعين بها المعوزين على صون حقوقهم وحرياتهم من خلال تأمين ضمانة الدفاع عنها).
كما يعتبر حق الدفاع ضمانة لردع رجال السلطة العامة:
(وهي بعد ضمانة لازمة كلما كان حضور المحامي في ذاته ضرورياً كرادع لرجال السلطة العامة إذا ما عمدوا إلى مخالفة القانون مطمئنين إلى انتفاء الرقابة على أعمالهم أو غفوتها، بما مؤداه أن ضمانة الدفاع لا تقتصر قيمتها العملية على مرحلة المحاكمة وحدها بل تمتد كذلك مظلتها وما يتصل بها من أوجه الحماية إلى المرحلة السابقة عليها التي يمكن أن تحدد نتيجتها المصير النهائي لمن قبض عليه أو اعتقل وتجعل بعدئذ من محاكمته إطاراً شكلياً لا يرد عنه ضرراً، وبوجه خاص كلما أقر بالخداع أو الإغواء بما يدينه، أو تعرض لوسائل قسرية لحملة على الإدلاء بأقوال تناقض مصلحته، بعد انتزاعه من محيطه وتقييد حريته على وجه أو آخر).
خامسا: الترضية القضائية:
بمعنى أن توفر الدولة للخصومة القضائية في نهاية مطافها حلاً منصفاً يمثل التسوية التي يعمد من يطلبها إلى الحصول عليها بوصفها الترضية القضائية التي يسعى إليها لمواجهة الإخلال بالحقوق التي يدعيها. هذه الترضية بافتراض مشروعيتها واتساقها مع أحكام الدستور تندمج في الحق في التقاضي باعتبارها الحلقة الأخيرة فيه.
وفي هذا تقول المحكمة الدستورية العليا في أحد أحكامها:
وحيث أن العناصر التي يتكون منها حق التقاضي، لا تكتمل ما لم يوفر المشرع للخصومة القضائية- في نهاية مطافها- حلاً منصفاً يمثل الترضية القضائية التي يبتغيها من يطلبها لمواجهة الإخلال بالحقوق التي يدعيها، وكان حق الدفاع- أصالة أو بالوكالة- يتوخى اجتنائها من خلال وسائل الدفاع التي يعرض الخصوم بموجبها أدلتهم- واقعاً وقانوناً- بما لا تمييز فيه بين بعضهم البعض، بل تتكافئ أسلحتهم في مجال الحقوق التي يدعونها، فإن هذه الترضية- وبافتراض اتساقها مع أحكام الدستور والقانون- تشكل جزءاً غير منقسم من حق التقاضي وترتبط بالأغراض النهائية التي يعمل لبلوغها يؤيد ذلك أن الخصومة القضائية لا تقام للدفاع عن مصالح نظرية لا تتولد عنها فائدة عملية، بل غايتها اقتضاء منفعة يقرها القانون، وتبلور حقيقتها نطاق المسائل المتنازع عليها، وحكم القانون بشأنها.
3/ الحق في التقاضي ومنع التمييز
قد يبدو التساؤل منطقيا فيما يخص علاقة الحق في التقاضي بمبدأ المساواة، وهل يعمل التقاضي كآلية لمنع التمييز بين البشر أم لا؟ وهل هذه الآلية ناجعة أم أنها ليست كذلك؟.
وللإجابة علي هذا التساؤل نطرح تساؤلا جديدا: ما هي آليات منع التمييز في المجتمعات المتحضرة؟. دائما ما تكون الإجابة هي القانون. نعم القانون هو آلية المجتمعات المتمدنة في تحقيق المساواة بين المواطنين في دولة ما ومنع التمييز.
وهذا القانون دون وجود سلطة قضائية يصبح مجرد كتب وأوراق لا قيمة لها.
إذن التقاضي هو الوسيلة التي يتمكن بها من انتهكت حقوقهم أو حرموا من المساواة أو مورس التمييز ضدهم من تحقيق المساواة المفقودة أو منع التمييز.
وقضت المحكمة الدستورية العليا في أحد أحكامها بأنه:
حق الأفراد في التقاضي حق أصيل، إذ بدونه يستحيل عليهم أن يأمنوا على حرياتهم أو يردوا الاعتداء عليها. ونظام الحكم لا يمكن أن يعتبر ديمقراطياً إلا إذا كفل للأفراد حق الالتجاء إلى القضاء. وحاجة الأفراد إلى هذا الحق هي حاجة مستمرة ومتزايدة لاسيما بعد أن قوي تدخل الدولة والتشريع في تنظيم شئون الأفراد. وتدخل الدولة في شئون الأفراد- وإن استهدف صالحهم- قد يكون مصحوباً بإجراءات استثنائية أو مساس بحقوق أساسية أو مغالاة في التكاليف أو انحراف بالسلطة أو شطط في التقدير أو إضعاف في الضمانات المقررة. ومن ثم ينبغي أن يبقى باب القضاء مفتوحاً أمام الأفراد ليعرضوا عليه أمرهم ويطلبوا إليه إنصافهم من ظلم يعتقدون بوقوعه عليهم.
وقد وضع الدستور ضمانة هامة للإنصاف ورادعا لكل من تسول له نفسه الاعتداء على الحقوق والحريات، تتمثل في نص المادة (99) منه والتي تنص على أنه:
كل اعتداء علي الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون ، جريمة لا تسقط الدعوي الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم ، وللمضرور إقامة الدعوي الجنائية بالطريق المباشر.
وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء، وللمجلس القومي لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة عن أي انتهاك لهذه الحقوق، وله أن يتدخل في الدعوي المدنية التبعية منضما إلي المضرور بناء علي طلبه ، وذلك كله علي الوجه المبين بالقانون.
وبناء على النص المقابل لهذا في دستور 1971 قضت كثير من المحاكم المصرية بالتعويض عن التعرض للتعذيب لعدد كبير من المواطنين استنادا لهذه الضمانة الهامة.
فمثلا قضت محكمة النقض بأنه:
وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى رفض طلب التعويض المادي والأدبي الناجم عن تعذيب الطاعن الأول أثناء فترة اعتقاله لخلو الأوراق مما يفيد أن إصابته وإجراء جراحة استئصال الغضروف بين الفقرتين الثالثة والرابعة لها علاقة بوقائع التعذيب، ومن أن نقصاً قد أخل بقدرته على الكسب، وإلى تراخيه في رفع الدعوى منذ تاريخ الإفراج عنه في عام 1964 حتى 1987 ، وخلو الأوراق من دليل على اعتقال شاهديه معه في الفترة التي اعتقل هو فيها وعدم تحديد أسماء تابعي المطعون ضدهما الذين عذبوه، في حين أن مجرد المساس بسلامة جسد الطاعن الأول يتوافر به الضرر المادي وأن القانون لا يشترط دليلاً بذاته ليثبت الأفراد سبق اعتقالهم باعتبار أن واقعة الاعتقال واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ولا تشترط الإصابة لإثبات وقوع تعذيب وليست الكتابة شرطاً لإثبات الإصابة ، كما أن استطالة الزمن بين تاريخ التعذيب ورفع الدعوى بطلب التعويض عنه ليس دليلاً على عدم حدوثه حتى ولو لم ترد على ألسنة الشهود أسماء أو صفات من قالوا إنهم قاموا بتعذيب الطاعن الأول ويكون الحكم المطعون فيه – بما أقام عليه قضاءه – مشوباً بالفساد في الاستدلال حجبه عن بحث مدى أحقية الطاعنين فيما يطالبون به من تعويض مما يعيبه ويوجب نقضه.
بينما قضت محكمة القضاء الإداري بأنه: ومن حيث أنه عن الدفع بسقوط حق المدعي في إقامة دعواه بالتقادم الثلاثي فإن المشرع الدستوري جعل التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم.
واستندت المحكمة في حكمها-وإن قضت برفض طلب المدعي بالتعويض لعدم ثبوت أدلة التعذيب- إلى نصوص الاتفاقيات الدولية واعتبارها جزء من القوانين والتشريعات الوطنية، فقالت:
إن اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار 39/46 المؤرخ في 10 ديسمبر 1984، والتي دخلت حيز النفاذ في 26 يونيو 1987 تقرر تعزيز احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ومراعاتها على مستوى العالم، ومراعاة منها المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكلتاهما تنص على عدم جواز تعرض أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، ومراعاة منها أيضا لإعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، الذي اعتمدته الجمعية العامة.
وأشارت المحكمة إلى أن مصر قد أقرت الاتفاقية وفقًا للقرار الجمهوري 154 في 6 أبريل 1986 ونُشرت في الجريدة الرسمية المصرية في 7 يناير 1988 ودخلت حيز النفاذ في 25 يوليو 1986واصبحت من ثم قانونا من قوانينها.
الوحدة التدريبية الخامسة
الفئات المهمشة
بين المبادئ الدستورية والتطبيقات القانونية
هدف الوحدة التدريبية: تمكين المتدربين من التعرف على ماهية الفئات المهمشة، وأسباب حاجتهم للحماية الدستورية والتشريعية. إلمام المتدربين ببعض التطبيقات القضائية المعززة لمساواة المهمشين بغيرهم من المواطنين.
الوسائل التدريبية: ورق قلاب، أقلام ملونة، داتا شو.
أسلوب التدريب: عصف ذهني، حوار، أسئلة، محاكاة.
الأنشطة:
أ/ نشاط تحفيزي: صندوق الحوار:
الإجراءات: يجهز المدرب صندوقا من الورق المقوى بداخله أوراق صغيرة مطوية، في كل ورقة كلمة أو مصطلح يتعلق بموضوع الجلسة وبعدد المتدربين، مثل: المرأة، ذوي الإعاقة، الطفل، أقليات دينية، بهائي، مسيحي، طفل…
يطلب من المتدربين التجمع في دائرة يكون مركزها الصندوق، يختار كل واحد منهم ورقة، ثم يقول رأيه أو تصوره أو ما يرد في خاطره حول الكلمة الواردة في الورقة التي اختارها في دقيقة واحدة.
هدف النشاط التحفيزي: تحفيز المتدربين على المشاركة، تعزيز حرية الرأي، التدريب على التركيز والتكثيف في إبداء الرأي.
مدة النشاط: 25 دقيقة.
ب/ محاكاة
الغرض منها عرض مشهد من واقع الحياة لا يتجاوز عرضه خمسة دقائق حول ما تتعرض له بعض الفئات المهمشة في المجتمع من تمييز.
الإجراءات: يقسم المدرب المتدربين إلى مجموعتين، ويمنحهم وقتا مدته (10) دقائق لاختيار موقف وتمثيله. وبعد انتهاء العرض يفتح نقاشا حول القضايا التي تم عرضها وكيفية العمل على حلها.
مدة المحاكاة: 30 دقيقة.
المرفقات: ورقة مرجعية رقم (4) بعنوان الفئات المهمشة بين المبادئ الدستورية والتطبيقات القانونية.
الفئات المهمشة
بين المبادئ الدستورية والتطبيقات القانونية
تمهيد:
يعني مفهوم الفئات المهمشة أو الأولى بالحماية بتلك الفئات التي تحتاج إلى تدخلات من الدولة سواء على المستوى التشريعي أو على مستوى العمل على تغيير بنية الثقافة المجتمعية والعادات والتقاليد كي تتمكن تلك الفئات من ممارسة كافة حقوقها وحرياتها المنصوص عليها في الدساتير الوطنية، وذلك بحسبان الدساتير حين تقر حقا أو حرية فإن الخطاب فيها موجه للكافة وليس لفئة دون فئة، فمثلا حين تقرر الدساتير أن المواطنين لدي القانون سواء فهي تعني بذلك جميع مواطنيها ورعاياها ولا تستثني منهم أحدا والقول بغير ذلك يهدم فكرة الدستور ويصمه بالتمييز الذي وجد الدستور أصلا للقضاء عليه ومكافحته.
وتتشابه الفئات المهمشة في جميع الدول فهي تتمثل في الأقليات الدينية والعرقية والنساء والأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة…
أما مبادئ الدستور فتعني في عموميتها أساليب نشأة الدساتير وأساليب وضعها وتعديلها وشكل النظام السياسي وإنشاء السلطات الثلاث وتحديد اختصاصاتها وحقوق وحريات المواطنين، وفي هذه الورقة نعني بمبادئ الدستور تلك المبادئ الخاصة بحقوق وحريات الفئات المهمشة.
حيث لم يكتف المشرع الدستوري المصري بتقرير الحقوق والحريات والنص عليها بين أحكامه والمساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات والتأكيد على أهمية المواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان واعتبار ما تم التصديق عليه منها بمثابة قوانين وتشريعات مصرية يتعين العمل بها داخل حدود الدولة وأمام جهاتها القضائية مخاطبا كل المصريين بهذه النصوص والأحكام لا فرق بين غني أو فقير، بين عامل أو وزير، بين رجل وامرأة، وإنما عني كذلك بالتأكيد في نصوص مستقلة على تقرير وتأكيد حقوقهم وحرياتهم ليمنحهم بذلك ضمانة دستورية إضافية تضمن لهم ألا يصدر تشريعا ينتقص من حقوقهم المكفولة بموجبه وألا يسمح لعرف أو عادة مجتمعية بأن تفعل ذلك وموجبا على المشرع أن يحذو حذوه وأن يقوم بدوره على حماية هذه الفئات حتى ولو كان ذلك بموجب تمييز إيجابي للتمتع بالحقوق والحريات الواردة في الدستور.
ومن بين هذه الفئات التي عني الدستور بالنص على حقوقهم منفردة: الأطفال والشباب والمسنين، والمرأة والمسيحيين وذوي الإعاقة.
أما من حيث القضاء المصري فقد بني على عدد من المبادئ الدستورية وهي: مبدأ مساواة المواطنين أمام القضاء، مبدأ التقاضي على درجتين، مبدأ استقلال القضاء، مبدأ علنية المحاكمة، ودأبت أحكام القضاء المصري على تأكيد وتقرير مبادئ الدستور في حماية حقوق وحريات الفئات المهمشة في أحكام كثيره ، وسنتناول في هذه الورقة التطبيقات القضائية ذات الشأن بحقوق النساء وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وحقوق الأقليات الدينية:
أولا: حقوق النساء:
اهتم الدستور بحقوق المرأة ونص عليها في عدد من المواد أهمها المادة رقم 11 منه والتي تكفل من خلالها الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتعمل علي اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا في المجالس النيابية، تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف, وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل. كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا.
1/ فيما يخص حق المرأة في التنقل والسفر وحقها كحاضنة في سفر أولادها معها ما دامت مصلحتهم تستدعي ذلك، قضت المحكمة الإدارية العليا في هذا الشأن:
(ومن حيث إنه بالنسبة لما يشير إليه الطعن من أحكام الشريعة الإسلامية بالنسبة إلى سفر الحاضنة وضرورة موافقة ولى الطفل المحضون فقد تشعبت آراء فقهاء الشريعة فى ذلك فمنهم من منع الحاضنة أو الولي من السفر بالطفل المحضون لبلد بعيد ومنهم من أجاز ذلك بشروط كلها تصب فى مصلحة الصغير كالبلد و الطريق الآمن بل منهم من خير المحضون المميز فى تحديد من يبقى معه عند السفر ومن ثم فإن المعتبر هي مصلحة المحضون فإن كانت مصلحته فى السفر مع أمه لبلد توفر له فيها عيشاً كريماً فلا تثريب في ذلك . ومن حيث إنه بإنزال ما تقدم على المنازعة الماثلة ولما كانت السيدة / ….. حاضنة لابنتها وتعمل خارج البلاد فامتنعت جهة الإدارة من تجديد جواز سفر الصغيرة إلا بموافقة والد الطفلة الذي تعنت في ذلك وطلب رفض استخراج جواز سفر ابنته فإن هذا الامتناع لا يقوم على سند من القانون وتأباه الشريعة لإضراره بمصلحة المحضونة ويكون القضاء بإلغاء هذا القرار جاء مطابقاً للقانون مما يتعين معه القضاء برفض الطعن).
2/ كما قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة (8) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 97 لسنة 1959 فيما تضمنه من تخويل وزير الداخلية بموافقة وزير الخارجية سلطة تحديد شروط منح جواز السفر. وكذلك عدم دستورية نص المادة (11) من قرار رئيس الجمهورية، وسقوط نص المادة (3) من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة1996 والتي تنص على أنه:
(يكون منح الزوجة جواز سفر أو تجديده بعد تقديم موافقة زوجها على سفرها للخارج، كما يجب تقديم موافقة الممثل القانوني لغير كامل الأهلية على استخراج جواز السفر أو تجديده وفي الحالتين تعتبر الموافقة على استخراج جواز السفر أو تجديده تصريحا بالسفر طوال مدة صلاحية الجواز).
وأكدت في حكمها هذا على أهمية حرية التنقل واعتبارها من الحريات العامة التي لا يجوز الانتقاص منها: “وحيث إن حق المواطن في استخراج وحمل جواز السفر، لا يعد فحسب عنوانا لمصريته التي يشرف بها داخل وطنه وخارجه؛ بل يعكس فوق ذلك رافدا من روافد حريته الشخصية التي حفي بها الدستور بنصه في المادة 41 على أنها مصونة ولا يجوز المساس بها “وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو…. أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون” دالا بذلك على أن حرية الانتقال تنخرط في مصاف الحريات العامة، وأن تقييدها دون مقتض مشروع، إنما يجرد الحرية الشخصية من بعض خصائصها، ويقوض صحيح بنيانها).
وهذا يعني أن من حق المرأة التنقل والسفر دون أن يتوقف ذلك على إذن من زوجها، وقد أشارت المحكمة على وجوب أن ينهض المشرع بوضع نص تشريعي يحدد ضوابط هذا الأمر في ضوء اعتبارات عدة من بينها التوفيق بين حق المرأة في العمل والتنقل والسفر في ضوء ما نص عليه الدستور من حقوق وحريات وما نص عليه من اعتبار الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسا للتشريع وذلك بقولها:
ذلك لا يحول دون أن يتولى المشرع – بتشريع أصلي – تنظيم منح وتجديد جواز السفر للزوجة وسحبه منها موازنا في ذلك بين حرية التنقل – بما تتضمنه من الحق في مغادرة الوطن والعودة إليه – وبين ما تنص عليه المادة 11 من الدستور من كفالة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع ومساواتها بالرجل دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية، وما تقضي به المادة الثانية من الدستور من أن مبادئ الشريعة الإسلامية – القطعية الثبوت والدلالة – هي المصدر الرئيسي للتشريع.
3/ كما أكدت المحكمة الدستورية العليا على حق اختيار الزوج بحسبانه من الحقوق الشخصية حتى وإن خلا الدستور من النص على هذا الحق.
وفي هذا الشأن قضت بأنه:
وحيث إن إغفال بعض الوثائق الدستورية النص على الزواج كحق، وما يشتمل عليه بالضرورة من حق اختيار الزوج، لا ينال من ثبوتهما. ولا يفيد أن تلك الوثائق تتجاهل محتواهما أو أنها تطلق يد المشرع في مجال القيود التي يجوز أن يفرضها على مباشرة أيهما. ذلك أن هذين الحقين يقعان داخل مناطق الخصوصية التي كفل صونها دستور جمهورية مصر العربية بنص المادة 45 التي تقرر أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون. يؤيد ذلك أن أبعاد العلاقة بين النصوص الدستورية وربطها ببعض، كثيرا ما ترشح لحقوق لا نص عليها، ولكن تشي بثبوتها ما يتصل بها من الحقوق التي كفلها الدستور، والتي تعد مدخلا إليها بوصفها من توابعها أو مفترضاتها أو لوازمها. وكثيرا ما تفضي فروع بعض المسائل التي نظمتها الوثيقة الدستورية، إلى الأصل العام الذي يجمعها، ويعتبر إطارا محددا لها.
4/ ومن حيث حق المرأة في العمل فقد أقرت المحكمة الدستورية العليا عددا من المبادئ الهامة في هذا الشأن، نذكر منها:
(وحيث إن البين من تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الشئون الدينية والاجتماعية والأوقاف بمجلس الشعب، في شأن الاقتراح الخاص بمشروع هذا القانون رقم 100 سنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية، وكذلك من المذكرة الإيضاحية لهذا القانون، أن المشرع حدد الأحوال التي لا تسقط فيها نفقة الزوجة، ويندرج تحتها خروجها للعمل المشروع إذا أذنها الزوج بالعمل، أو عملت دون اعتراضه، أو تزوجها عالما بعملها، ما لم يظهر أن عملها كان مشوبا بإساءتها استعمال الحق، أو منافيا لمصلحة الأسرة، وطلب منها زوجها الامتناع عنه).
الأمر الذي يعني أن العمل حق للمرأة ولا يجوز للزوج أن يمنعها من العمل إلا بشروط حددتها اللجنة في تقريرها أثناء وضع القانون رقم 100 لسنة 1985 منها أن تكون ممارستها لهذا الحق مشوبا بإساءة استعماله، أو منافيا لمصلحة الأسرة، وواقع الحال الاقتصادي والاجتماعي في مصر يجعل من عمل المرأة في مصلحة الأسرة خاصة مع الغلاء المستمر وتردي الحالة الاقتصادية.
وتبرز الدستورية العليا أهمية عمل المرأة في عمارة الأرض وتحمل الأعباء الاقتصادية للأسرة واعتبار أن عملها حق غير مشروط بقولها:
(بل إن ممارستها لأعمال ينهض بها مجتمعها ولا يعارضها الشرع، ينفض عنها عوامل الخمول، ويستنهض ملكاتها، فلا يكون نشاطها إلا تواجدا ميسرا للحياة وفق متطلباتها من أوضاع العصر، يفتح أمامها أبوابا للعمل الصالح، بدءا من طلبها العلم وتعليمه، إلى معاونتها لنفسها ولأسرتها، إلى اقتحام آفاق جديدة تنمو بها مداركها ويتحدد على ضوئها بنيان مجتمعها وانعزال المرأة عنها يقلص اهتماماتها وعلمها ووعيها وتواصلها مع الحياة والناس من حولها – وكلما كان تفاعلها معها ومعهم جادا خيرا – يثير يقظتها ولا يشينها وربما حملها تعقد مجتمعها المعاصر، واتساع دائرة احتياجاتها على مغادرة بيتها لقضائها وإذا كان الإحسان إلى المرأة في ذاتها يفترض تربيتها وتقويمها وتعليمها وإحصانها وغض بصرها وأن تدع ما يريبها إلى ما لا يريبها، إلا أن منعها من عمل جائز شرعا لرجحان المصلحة فيه، إهدار لآدميتها وردها عن العمل المشروع لاحتمال انحرافها، مؤداه أن أنوثتها وطهرها لا يجتمعان؛ وأن دينها لن يعصمها من الانزلاق؛ وأن تساويها مع الرجل – وفيما عدا الدائرة المحدودة التي تظهر فيها فوارق التمييز بينهما – ليس أصلا ثابتا في عقيدتها؛ وأن توحدها مع الرجل في أصل نشأتها وتكاليفها ومثوبتها وجزائها، لا ترشحها للعمل الصالح سواء في مجال الإعمار أو غيره مما هو مشروع من مظاهر الحضارة؛ وأن صونها لحرمتها وتساميها عن المباذل، يقتضيها أن تقر في بيتها، فلا يكون شأن واجباتها الاجتماعية شأن الرجل، وهو ما نفاه تعالى حين أمرهما معا بأن يسعيا بين الناس معروفا، وأن ينهيا عما يعد منكرا خبيثا، وكذلك حين كفل لهما – عز وجل – الجزاء الأوفى عن صالح أعمالهم “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن، فلنحيينه حياة طيبة، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون” إن المرأة عضو في مجتمعها، ودينها يقفها عند حدود شريعتها وتوازنها المقسط وبقدر تقيدها بأوامرها ونواهيها، وقيامها بالأعمال التي لا تسحق أنوثتها، ولا تخل كذلك بمصلحة أسرتها، فإن منعها منها لا يكون إلا افتئاتا على إنسانيتها).
5/ أما عن حق المرأة في التأمين الاجتماعي فقد أكدته الدستورية العليا في عدد من أحكامها، ومن بينها الحكم عدم دستورية نص المادة (2) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فيما تضمنه من استبعاد أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعولهم فعلا من تطبيق أحكامه.
وتتلخص وقائع هذه الدعوى في: أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طالبة الحكم بعدم دستورية المادة (3) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 ، والمادة الرابعة من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، والمادة الثانية من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فيما” تضمنته من استبعاد العاملين من أسرة صاحب العمل الذين يعولهم من تطبيق أحكامها.
واستندت المحكمة في تشييد حكمها على القواعد التالية: ( وحيث إن النص المطعون عليه حرم العاملين من أسرة صاحب العمل من الانتفاع من خدمات التأمين الاجتماعي دون سبب منطقي يبرر ذلك سوى أنهم يعملون لدى رب عمل يعولهم فعلا ، أى أن حرمان هذه الطائفة من العاملين من حقوقهم التأمينية وأخصها الحق فى المعاش يرجع إلى طبيعة العلاقة الخاصة التى تربطهم برب العمل ، حال أن هذه العلاقة وكنهها والقواعد التى تنتظمها ليس لها من صلة بأحكام قانون التأمين الاجتماعي، سيما وأن الحق فى المعاش يقوم وفقا للقواعد التى تقرر بموجبها ، ويتحدد مقداره على ضوء المدد التى قضاها أصحابها فى الجهات التى كانوا يعملون بها وأدوا عنها حصصهم فى التأمين الاجتماعي، وذلك كله ليس له من صلة بطبيعة النظام القانوني الذي يخضع له هؤلاء العاملون فى علاقتهم برب العمل الذين يعملون لديه ، ولا ينال من حقهم فى الحصول على معاش عن مدة اشتراكهم فى نظام التأمين الاجتماعي متى كان ذلك فإن النص المطعون عليه وقد حرمهم من هذا الحق يكون قد خالف حكم المادتين ( 17 و122) من الدستور .
وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان العاملون من أسرة صاحب العمل ممن يعولهم فعليا وغيرهم من العاملين لديه الذين لا يتحقق فى شأنهم شرط الإعالة تتكافأ مراكزهم القانونية بالنسبة للحق فى المعاش بوصفه حقا دستوريا كفله الدستور بنص المادة (17) منه سالفة البيان بما يستوجب وحدة القواعد التى تنتظمهم جميعا . وكان النص الطعين قد أفرد العاملين من غير أسرة صاحب العمل بمعاملة تفضيلية قوامها أحقيتهم فى الحصول على المعاش المستحق لهم عن كامل مدة اشتراكهم أيا كانت الجهة التى كانوا يعملون فيها حال أنه حرم العاملين من أفراد أسرة صاحب العمل من هذا الحق فإنه يكون بذلك قد خالف مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون المنصوص عليه فى المادة (40) من الدستور .
ثانيا حقوق ذوي الإعاقة:
احتفى الدستور المصري بذوي الإعاقات واهتم بالنص على حقوقهم وحرياتهم بشكل كبير بالمقارنة بدستور 1971، حيث تضمن الدستور الحالي ثمان مواد تعني بحقوق وحريات ذوي الإعاقات. فنص على الإعاقة كسبب مانع للتمييز في المادة المعنية بحق المساواة أمام القانون (م53)، وأشار إلى توفير المساعدة اللازمة لهم في حال تم تقييد حريتهم لأي سبب (م54)، وتوفير أماكن خاصة بهم حال الحبس أو ما عبر عنه بوسائل إتاحة خاصة بهم (م 55)، وأكد التزام الدولة بحقوق الأطفال المعاقين وتأهيلهم وإدماجهم في المجتمع (م 80)، وقرر التزام الدولة بضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام ، صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا ، وتوفير فرص العمل لهم ، مع تخصيص نسبة منها لهم ، وتهيئة المرافق العامة والبيئة المحيطة ، وممارستهم جميع الحقوق السياسية ، ودمجهم مع غيرهم من المواطنين ، إعمالا لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص (م81)، وحدد لهم نسبة من مقاعد المجالس المحلية (م180)، وضرورة تمثيلهم في مجلس النواب (م 244)، وإنشاء مجلس قومي يعني بشئونهم (م 214).
وقد تواترت أحكام القضاء الإداري على التأكيد على الثوابت الدستورية فيما يخص حقوق المعاقين، وألغت عددا كبيرا من القرارات الإدارية التي تنتهك أو تنتقص من هذه المبادئ الدستورية المستقرة ومن ذلك:
قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في غضون عام 2016 بإلغاء القرار الصادر من وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالبحيرة رقم 3442 لسنة 2012 فيما تضمنه من وقف المعاش الضماني المقرر لشقيقة المدعى القيم عليها الفتاة (……….) المصابة بعاهه عقليه شديده وآفة عقلية من نوع العته اعتبارا من 1/2/2010 بحجة استحقاقها له عند زواجها أو بلوغها سن الخمسين عاما وعدم استحقاقها المعاش بصفة مستقلة.
وأشارت المحكمة في حكمها إلي الإعلان العالمي الخاص بحقوق المعاقين:
الإعلان الخاص بحقوق المعاقين عقليا الذي اعتمد بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 20 ديسمبر 1971 قد انتهى إلى ضرورة حماية حقوق ذوى العاهات البدنية والعقلية وتأمين رفاههم وإعادة تأهيلهم، وكفل حقوق المعاقين عقليا، واخصها أنه للمعاق عقليا، إلى أقصى حد ممكن، نفس ما لسائر البشر من حقوق وحقه في الحصول على الرعاية والعلاج الطبيين المناسبين وعلي قدر من التعليم والتدريب والتأهيل والتوجيه يمكنه من إنماء قدراته وطاقاته إلى أقصى حد ممكن وحق التمتع بالأمن الاقتصادي وبمستوي معيشة لائق وله إلى أقصى مدي تسمح به قدراته، والحق في أن يقيم المعاق عقليا مع أسرته ذاتها أو أسرة بديلة، وأن يشارك في أشكال مختلفة من الحياة المجتمعية، وينبغي أن تحصل الأسرة التي يقيم معها على مساعدة وله حق في أن يكون له وصي مؤهل عند لزوم ذلك لحماية شخصه ومصالحه وحق في حمايته من الاستغلال والتجاوز ومن المعاملة المحاطة بالكرامة.
وأن لهؤلاء المعاقين وفق أحكام الدستور الحق في الأمن الاقتصادي واستحقاق المساعدة الشهرية الضمانية التي هي حق لهم وليست منحة من الدولة تمنعها وقتما تشاء:
يجب ألا تخل الحقوق الدستورية المشتركة بين الأسوياء وغيرهم بتلك الحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار، وبهذه المثابة فان تدابير اقتصادية واجتماعية وتشريعية يتعين ضمانها في شأن المعاقين ذهنيا، تأخذ واقعهم في اعتبارها، ولا تنحي مشكلاتهم عن دائرة اهتمامها، بل توليها ما تستحق من الرعاية، لتقدم لهم عونا يلتئم وأوضاعهم وليس ذلك تمييزا منهيا عنه دستوريا، بل هو نزول على حكم الضرورة وبقدرها، فلا يغمطون حقا ولا يحرمون أملا، ولما كان المعاقون ذهنيا هم على القمة إنسانيا من الحاجة لمعاش يكفيهم لمواجهة عجزهم التام، يعوضهم عن انعدام إرادتهم الذي يحرمهم من فرص يعملون من خلالها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
وأشارت المحكمة أن المعاقين ذهنيا ينبغي أن يكونوا على القمة من استحقاق المساعدة الشهرية الضمانية ( المعاش الضماني سابقا ) التي تصرف تطبيقا لأحكام قانون الضمان الاجتماعي – ومن أجل ظروفهم – في الحدود التي يبينها القانون، وليست المساعدة الشهرية الضمانية للمعاقين ذهنيا منحة من الدولة تقبضها أو تبسطها وفق إرادتها ليتحدد على ضوئها من يتمتعون بها أو يمنعون منها، بل هو مقرر باعتباره شرفا لمن يلتمس الطريق إليه ممن يقدمه إليهم، وواجبا عليهم أداؤه، وحقا لا يهدر، ومدخلا إلى حياة لائقة قوامها الاطمئنان إلى غد أفضل لفئة لا تدرك ما يحيط بها من حياة ولهم عالمهم الخاص الذي هو سر من أسرار الخالق سبحانه وتعالى، وطريقا لبناء شخصيتهم الإنسانية من خلال تكامل عناصرها، وإسهاما حيويا في تقدم هؤلاء الأشخاص وإشباع احتياجاتهم، وإعلاء لذاتية الفرد بغض النظر عن ذهاب العقل لديه.
وأكدت المحكمة الإدارية حق ذوي الإعاقة في العمل ضمن نسبة 5% في هيئة قضايا الدولة مؤكدة أن هذه النسبة تمثل تكافؤا للفرص بينهم وبين الأسوياء في مجال الحق في العمل، وذلك بقولها:
(أن استخدام ذوى الاحتياجات الخاصة داخل كل وحدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو القطاع العام، من خلال تخصيص عدد من وظائفها لا يزيد عن 5% من مجموع العاملين بكل وحدة، لا يعتبر تقريرا لأولوياتهم على من عداهم، ذلك لأن الأولوية فى مجال العمل تعنى أن يتقدم أصحابها على غيرهم من العاملين، مستأثرين من دونهم بالوظائف الشاغرة، ليكون تعيينهم بها معززا بقوة القانون، ومتضمنا استبعاد غيرهم من أن يطلبوا لأنفسهم نصيبا منها، بل كانت هذه النسبة المقررة قانونا لصالح ذوى الاحتياجات الخاصة، والتي ما شرعت إلا لتلافى أوجه القصور ( واقعا ) بينهم وبين من حباهم الله بنعمة الصحة السوية، فبدون إنفاذ هذه النسبة لا تتكافأ فرص استخدامهم مع غيرهم من الأسوياء بدنيا، ويظل تقرير الأولوية بين أرباب هذه النسبة من بين المتقدمين لشغل الوظائف العامة على أساس المعايير المحددة قانونا كأصل عام).
وأكدت المحكمة الدستورية العليا أحقية المعاقين في نسبة ال 5% من وظائف الجهاز الإداري للدولة –رغم عدم نص دستور 1971 عليها- وهي بصدد تشييد حكمها برفض الدعوى في الدعوى التي رفعها أمامها رئيس مجلس إدارة شركة النصر للفوسفات طالبا عدم دستورية نص المادة 10 من القانون رقم 39 لسنة 1975 المعدل بالقانون 49 لسنة 1982.
فقالت:
(وحيث إنه وإن صح القول بأن تقرير أولوية لبعض المواطنين على غيرهم في مجال العمل، لا يجوز إلا بناء على نص في الدستور، إلا أن استخدام المعوقين داخل كل وحدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة، أو الهيئات العامة، أو القطاع العام – من خلال تخصيص عدد من وظائفها لا يزيد عن 5% من مجموع عدد العاملين بكل وحدة – لا يعتبر تقريرا لأولويتهم على من عداهم – ذلك أن الأولوية في مجال العمل – وأيا كانت الأداة القانونية التي أنشأتها – تعني في المقام الأول، أن يتقدم أصحابها على غيرهم من العاملين، مستأثرين من دونهم بالوظائف الشاغرة، فلا يلج أبوابها أحد ليزاحمهم فيها، أو يتقاسمها معهم، بل ينفردون بها، ويتصدرون شغلها، ليكون احتكارهم لها واقعا حيا، معززا بقوة القانون، ومتضمنا استبعاد غيرهم من أن يطلبوا لأنفسهم نصيبا منها، مادام أن من يتقدمونهم قانونا، ما برحوا غير مستوفين لاحتياجاتهم الوظيفية بكاملها. ولا كذلك تخصيص حصة للمعوقين مقدارها 5% من مجموع عدد العاملين بالوحدة الإنتاجية أو الخدمية وفقا لنص المادة العاشرة من القانون رقم 39 لسنة 1975 بشأن تأهيل المعوقين، ذلك أن المعوقين وفقا لحكمها، لا يتقدمون على غيرهم لاستيفاء حصتهم هذه – التي لا يتحدد نطاقها إلا بنسبتها إلى مجموع العاملين في تلك الوحدة – وهو ما يعني أن لهم نصيبا في مواقع العمل الشاغرة لا يستغرقها، ولا ينحى من سواهم عنها، بل يطلبونها إلى جانبهم، ومعهم).
ثالثا حقوق الأقليات الدينية:
يوجد في مصر عدد من الديانات السماويه ، فالإسلام وتعتنقه أغلبية السكان، والمسيحية وعدد من يعتنقها أقل ومن ثم يمكن اعتبارهم أقلية بمفهوم العدد لا أكثر، بينما عدد اليهود في مصر قليل ومحدود جدا .
وفي كل الأحوال كفل المشرع الدستوري حرية الاعتقاد واعتبرها مطلقة، بينما أتاح حرية ممارسة الشعائر الدينية وفق أحكام القانون (م 64)، وكفل للمسيحيين نسبة مناسبة في مقاعد المجالس المحلية المنتخبة (م 180)، وألزم المشرع بضرورة إصدار قانون لبناء الكنائس في أول دور إنعقاد للبرلمان بعد سريان الدستور (م 235)، وتمثيل ملائم في مجلس النواب للمصريين المسيحيين في الخارج (م 243).
ويلاحظ هنا أن حرية ممارسة الشعائر الدينية مقصور على أصحاب الديانات السماوية الثلاثة فقط دون غيرها، وشرحت المحكمة العليا أصل حرية الاعتقاد في الدساتير المصرية بقولها:
(ومن حيث إنه يبين من استقصاء النصوص الخاصة بحرية العقيدة في الدساتير المصرية المتعاقبة أنها بدأت في أصلها بالمادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة من دستور سنة 1923 وكانت أولاهما تنص على أن حرية العقيدة مطلقة، وكانت الثانية تنص على أن تحمى الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية في الديار المصرية على أن لا يخل ذلك بالنظام العام ولا ينافي الآداب. وتفيد الأعمال التحضيرية لهذا الدستور أن النصين المذكورين كانا في الأصل نصاً واحداً اقترحته لجنة وضع المبادئ العامة للدستور مستهدية بمشروع للدستور أعده وقتئذ لورد كيرزون وزير خارجية انجلترا التي كانت تحتل مصر وكان يجرى على النحو الآتي:
“حرية الاعتقاد الديني مطلقة، فلجميع سكان مصر الحق في أن يقوموا بحرية تامة علانية أو في غير علانية بشعائر أية ملة أو دين أو عقيدة مادامت هذه الشعائر لا تنافي النظام العام أو الآداب العامة”، وقد أثار هذا النص معارضة شديدة من جانب أعضاء لجنة الدستور لأنه من العموم والإطلاق بحيث يتناول شعائر الأديان كافة في حين أن الأديان التي تجب حماية شعائرها هي الأديان المعترف بها وهي الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية واستقر الرأي على أن يكون النص مقصوراً على شعائر هذه الأديان فحسب فلا يسمح باستحداث أي دين ، وصيغ النص مجزأ في المادتين الثانية عشرة والثالثة عشرة اللذين تقدم ذكرهما وتضمنت الأولى النص على حرية العقيدة وتضمنت الثانية النص على حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد و. . . و. . . وظل هذان النصان قائمين حتى ألغي دستور سنة 1923 وحل محله دستور سنة 1956 وهو أول دستور للثورة فأدمج النصين المذكورين في نص واحد تضمنته المادة 43 وكان يجري على النحو الآتي: “حرية الاعتقاد مطلقة وتحمي الدولة حرية القيام بشعائر الأديان والعقائد طبقاً للعادات المرعية على ألا يخل ذلك بالنظام العام أو ينافي الآداب” ثم تردد هذا النص في دستور سنة 1958 (في المادة 43) ثم دستور سنة 1964 (في المادة 34) واستقر أخيراً في المادة 46 من الدستور القائم ونصها “تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية).
وفي ضوء هذا التحديد القضائي لحدود حرية المعتقد وقصره على أصحاب الديانات السماوية الثلاثة، يمكن الشد والجذب المتكرر فيما يخص البهائيين في مصر.
في الرابع من إبريل 2006 قضت محكمة القضاء الإداري بأحقية البهائيين في إضافة كلمة بهائي في خانة الديانة اتساقا مع أن حرية العقيدة مكفولة بموجب أحكام الدستور.
وفي ديسمبر من العام نفسه قضت المحكمة الإدارية العليا بناء على طعن وزارة الداخلية في الحكم السابق بإلغاء هذا الحكم.
أشارت الحيثيات إلى أن مضمون تفسير المادة 46 من دستور 1971 الخاصة بحرية إقامة الشعائر ينصرف إلى أتباع الديانات السماوية الثلاث فقط، وهو ما يناقض القضية المنظورة. حيث إن القضية لم تكن تتعلق كلية بحرية إقامة الشعائر ولكنها كانت بمثابة البحث عن مخرج فى أزمة امتناع وزارة الداخلية المصرية عن إصدار المستندات الرسمية الخاصة ببعض أفراد الطائفة البهائية.
أما فيما يخص بناء وترميم الكنائس، فلم يتم اختبار القانون الصادر في أواخر عام 2016 بشأن الكنائس أمام المحاكم ولم يصدر حكم قضائي مستندا إلى أحكام هذا القانون حتى يتبين لنا اختباره في ضوء المبادئ الدستورية المعنية بحرية المعتقد وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
غير أنه لدينا الكثير من الأحكام في هذا الصدد ومنها حكم المحكمة الدستورية العليا التي قضت بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف فيما تضمنه من قصر حظر الرجوع أو التغيير فى وقف المسجد ابتداء أو فيما وقف عليه ابتداء دون الكنيسة والمساواة فيما بينهما على اعتبار كونهما دور عبادة.
واستنادا إلى حكم المحكمة الدستورية العليا السابق وتطبيقا له عرضت على محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية دعوى تطالب بوقف تنفيذ القرار الإداري السلبي الخاص بهدم كنيسة وبناء مساكن مكانها حيث باعت بطريركية الروم الأرثوذكس برشيد للمدعى وشركائه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 5 مارس 1990 مساحة 1000 متر مربع مع المباني المقامة عليها، وهى عبارة عن دكاكين ومبنى دار عبادة، وأن البطريركية توافق على هدم المبنى بما فيه الجزء المخصص لدار العبادة، بقصد استغلال الأرض حسبما يراه المشترى، فتصدت المحكمة للدعوى وأكدت:
(إلى أنه قد ثبت لديها بيقين أن العين محل الدعوى كنيسة تم هدم أجزاء منها، ومن ثم فلا يجوز أن تكون محلا للبيع حتى ولو تهدمت كليا، حيث يتعين ترميمها أو إعادة بنائها مرة أخرى، بوصفها دار عبادة، لا يجوز تغيير الغرض المخصصة لأجله، ولما كان المفهوم الصحيح للقرار الإداري السلبى أن يقوم امتناع الجهة الإدارية عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه قانونا، وذلك يكون بداهة فى الحالات المشروعة، التى يشكل الامتناع فيها الركن الركين فى القرار الإداري السلبى، أما فى الحالات غير المشروعة أصلا، مثل كون محل القرار المطعون فيه هدم كنيسة مشمولة بالحماية الدستورية والقانونية، فلا يكون هناك ثمة واجب على الجهة الإدارية فى إصدار مثل هذا القرار قانونا، ويكون امتناعها عن إصداره، والحال كذلك متفقا وصحيح حكم القانون، ومن ثم يضحى امتناع جهة الإدارة عن إصدار ترخيص بهدم الكنيسة محل التداعي قائما على سبب صحيح يبرره قانونا).
وقد استطلعت المحكمة قبل تشييد حكمها المستند إلى علو أحكام المحكمة الدستورية العليا ونفاذها في مواجهة الكافة، رأي لجنة الفتوى بالأزهر الشريف والذي جاء فيه:
“أن لغير المسلمين فى ديار الإسلام حق حماية دور العبادة الخاصة بهم، فلا يجوز هدم كنائسهم، وإذا تهدمت كنيسة، فيجب إعادتها، لأن الأبنية لا تبقى دائما…. ولا يجوز التعرض للكنائس أو الأديرة بالهدم أو الاعتداء عليها أو تحويلها لغير الغرض الذي أقيمت من أجله، ومن فكر فى ذلك فلم يستجب لقرآن ربه وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم يحسن الجوار، ولم يرع عهده، ولم يظهر بمظهر التسامح، الذي هو من أبرز صفات المسلمين، فقد خان الله ورسوله وذمة المسلمين).
في حكم قديم لمجلس الدولة أقر أن بناء الكنائس لا يجوز أن يتوقف على موافقة الجيران في قطعة الأرض المزمع بناء كنيسة عليها باعتباره أمر لا يقره قانون ومشوب بسوء استعمال السلطة، وفي هذا قالت المحكمة بأنه:
” إن إقامة الشعائر الدينية لكل الطوائف قد كفلها الدستور في حدود القوانين والعادات المرعية وأن مصلحة الأملاك قد وافقت علي بناء الكنيسة بشرط موافقة الجيران ويعد هذا تنازلا منها عن الشرط الخاص بوجوب بناء منزل للسكن علي الأرض المبيعة وهو في الوقت ذاته إقرار منها بأن الملاك المجاورين هم أصحاب الشأن فيما لو خالفت الجمعية الشروط فلا حق لها بعد ذلك في الاعتراض وقد وافق جميع الملاك علي بناء الكنيسة عدا واحدا وظاهر من اعتراضه أنه غير جاد إذ لم يبين السبب الذي من أجله يعترض علي طلب الجمعية ولا يكفي أن يقول إن ذلك يضر بمصلحته فهو قول مبهم غامض ولا يعتد به وأن تمسك الإدارة بضرورة موافقة الجيران علي بناء الكنيسة أمر لا يقره القانون وهو مشوب بسوء استعمال السلطة.
وانتهي مجلس الدولة إلي القول بأنه ليس في تعليمات وزارة الداخلية نص يمكن اتخاذه تكأة لمنع بناء الكنيسة بسبب قلة عدد الأقباط ووجود كنيستين في بورسعيد إذ لا تتضمن التعليمات حدا أدني لعدد الأفراد الذين يحق لهم طلب إقامة كنيسة ومن ثم يكون تعلل الإدارة بهذا السبب لا سند له من القانون ويكون قرار رفض الترخيص بإنشاء الكنيسة قد بني علي أساس غير سليم من القانون ويتعين رفضه.
وقد أكدت محكمة النقض حرية العقيدة في كثير من أحكامها باعتناق أي دين أو الخروج عنه باعتبار الدين علاقة خاصة بين العبد وربه، ومن ثم فقد قضت بأنه:
(ولما كان الطاعن قد قدم في ختام مرافعته صورة شهادة من البطريركية الأرثوذكسية تفيد عودته إلي المسيحية وكان مجمل ما أثبت في محضر الجلسة من دفاع إنما يهدف به الطاعن إلي القول بأنه عاد إلي المسيحية لما كان ذلك وكان الدين علاقة بين المرء وربه ولا إكراه فيه وقد كفل الدستور في المادة 46 منه حرية العقيدة وكان ما تمسك به الطاعن من دفاع علي نحو من سلف يعد في خصوصية هذه الدعوى دفاعا جوهريا من شأنه أن يتغير به الرأي في الدعوى وتندفع به التهمة إذا ما ثبت أن الطاعن عدل عن إسلامه وعاد إلي ديانته المسيحية في تاريخ سابق علي اتخاذ إجراءات استخراج بدل فاقد لبطاقة الشخصية باسمه قبل إشهار إسلامه وديانته المسيحية لما بني عليه انتفاء الركن المادي في جريمة التزوير – وهو تغيير الحقيقة – فما كان يتعين علي المحكمة أن تعني بتحقيقه بلوغا إلي غاية الأمر فيه أو ترد عليه بما تدحضه أما وهي لم تفعل واكتفت بالرد علي هذا الدفاع بقولها أن الطاعن لم يقدم للمحكمة الجنائية بأحكام الشريعة الإسلامية وإنما بأحكام قانون العقوبات وهو رد قاصر لا يواجه دفاع الطاعن فان ذلك يعيب حكمها ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن).
الوحدة التدريبية السادسة
التقاضي الاستراتيجي
المفهوم والآليات والإجراءات والأهداف والإشكاليات
هدف الوحدة التدريبية: يصبح المتدربين بنهايتها على علم ومعرفة بمفهوم التقاضي الاستراتيجي وإجراءاته وأهدافه وأهميته ودوره في تعزيز المساواة ومنع التمييز والصعوبات التي قد تعترضه.
الوسائل التدريبية: ورق قلاب، أقلام ملونة، داتا شو.
أسلوب التدريب: أسئلة، حوار، عصف ذهني، …
مدة الوحدة التدريبية: (120) دقيقة.
نشاط تحفيزي: الكيس
هدف النشاط: اتخاذ القرارات الجماعية والاتفاق عليها، الحوار مع الآخرين، استخدام الأسلوب المناسب في طريقة الحوار والإقناع.
الإجراءات: إحضار كيس، اطلب من كل متدرب دفع ما يستطيع من المال ووضعه في الكيس، أخبر المتدربين بأنك ستأخذ المال إذا لم يخرجوا بقرار واحد وإذا لم يحددوا ماذا سيفعلون بالمال، حدد واحداً من المتدربين بشكل سري لمعارضة أي قرار تتخذه المجموعة وإلى فترة معينة فقط ، اتفق مع المتدرب الذي حددته للمعارضة أن يوافق على القرار في نهاية المطاف.
مدة النشاط: (20) دقيقة.
المرفقات: ورقة مرجعية رقم (5) بعنوان التقاضي الاستراتيجي المفهوم والآليات والإجراءات والأهداف والإشكاليات.
التقاضي الاستراتيجي
المفهوم والآليات والإجراءات والأهداف والإشكاليات
تمهيد:
غاية التقاضي هو الحصول على الحق أو ما يعرف قانونا بالترضية القضائية المناسبة، والمبادئ التي قام عليها النظام القضائي في مصر هي المساواة أمام القضاء بما تعنيه من تيسير اللجوء إلى القضاء ومجانية حق التقاضي والحق في الخصومة واستقلال وحيدة السلطة القضائية. ولا شك أن فلسفة وجود القضاء كسلطة تكمن في إقرار المساواة بين المواطنين بعضهم البعض وكفالة الحقوق والحريات بين السلطة من جهة وبين مواطنيها من جهة أخرى.
غير أن الأمور لا تكون دائما بمثل هذه البساطة واليسر، فقد يكون التمييز بين المواطنين مثلا مستندا إلى قانون، على سبيل المثال قانون الوقف في نص الفقرة الثالثة من المادة (11) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف، والتي كانت تحظر الرجوع في الوقف إذا تعلق بالمساجد ولا تحظره إذا تعلق بالكنائس، وقضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية هذه المادة، ويكون التمييز أحيانا راجع إلى العرف والعادات وليس إلى القوانين كحالة رفض مجلس الدولة تعيين النساء كقاضيات فيه على الرغم من نص المادة 11 من الدستور والتي تكفل الدولة من خلالها تمكين المرأة من العمل كقاضية.
ومن هنا تبرز أهمية التقاضي الاستراتيجي كآلية لتحقيق المساواة وتعزيز المساواة والعمل على مكافحة التمييز واستمرار مسيرة حقوق الإنسان وحمايتها.
وعرف التقاضي الاستراتيجي أولا بأنه التقاضي الدستوري بحسبان نشأته في مصر وبحسبان اهتمام الرعيل الأول بإحداث التغيير عبر الدعاوى الدستورية، غير أن التقاضي الاستراتيجي لا يقتصر على التقاضي الدستوري وإن كان الأخير أبعد أثرا وأبرز وضوحا وأعم في نتائجه، فالتقاضي أمام محاكم القضاء الإداري في بعض حالاته يعد تقاضيا استراتيجيا، يمكن أن ينتج أثرا يتجاوز رافعي الدعوى ويستفيد منه غيرهم، مثل دعوى الحد الأدنى للأجور مثلا والمستفيدين منها، كما قد يقر القضاء العادي (مدني-تجاري-جنائي- أسره …) مبادئ قضائية تمثل تقاضيا استراتيجيا، الأمر الذي يعني أن كل تقاضي ينتج أثرا يتجاوز حدود رافعي الدعوى ويستفيد منه غيرهم يعد تقاضيا استراتيجيا.
فما هو التقاضي الاستراتيجي، وما هو الفرق بينه وبين التقاضي العادي وبينه وبين المساعدة القانونية، وما هي آلياته وإجراءاته وأهدافه وإشكالياته؟.
هذا ما سنتعرف عليه من خلال هذه الورقة.
ماهية التقاضي الاستراتيجي:
يعرف البعض التقاضي الاستراتيجي بأنه:
(اختيار موضوع قضية وإقامة دعوى قضائية بها أمام المحاكم لصالح شخص أو مجموعة أشخاص بغرض الحصول حكم يستفيد منه شرائح ومجموعات واسعة النطاق من المجتمع، تتجاوز شخص رافع الدعوى، أو بغرض إحداث أثر دائم في المجتمع يتجاوز أطراف الخصومة القضائية. ولذلك يسمى التقاضي الإستراتيجي أحياناً بتقاضي الأثر. ومن أبرز الأمثلة الشائعة للقضايا ذات الأثر الدائم والممتد الدعاوى بعدم دستورية القوانين).
ويرى آخرون أن التقاضي الاستراتيجي هو:
(اختيار قضية معينة والتقدم بها للمحكمة بغرض إحداث تغيير واسع النطاق في المجتمع. إن مَن يرفع دعوى تقاضي إستراتيجي يهدف لاستخدام القانون كوسيلة لإحداث أثر دائم يتجاوز مجرد الفوز بالقضية محل النظر. مما يعني أن قضايا التقاضي الإستراتيجي تهتم بالأثر الذي تتركه على السكان والحكومات على النطاق الأوسع بنفس القدر الذي تهتم به بكسب القضايا نفسها).
وهو لدى فريق ثالث:
(رفع قضية قد تكون دعوى مدنية أو طعن بقرار إداري أو طعن بعدم دستورية النص القانوني ذاته لإخلاله بالمساواة وتكافؤ الفرص. وهذه القضية تتعلق بشخص أو بمجموعة من الأشخاص أمام محكمة مختصة يكون الهدف منها الحصول على حكم أثره يتجاوز هذا الشخص أو تلك المجموعة ليصل إلى شريحة كبيرة من المجتمع أو إلى المجتمع ككل).
فهو إذن في كل أحواله دعوى قضائية تستهدف أثرا يتجاوز مصلحة رافعيها إلى غيرهم بحيث تقر حقا لجميع من هم مراكزهم القانونية متكافئة مع رافعي الدعوى ويكون هذا الأثر دائم وقد يستدعي تدخلا تشريعيا أو إداريا لإقرار ما أشار إليه من حقوق أو تدارك ما في تنظيم هذا الحق محل الدعوى من انتقاص حال ممارسته من قبل المواطنين.
والتقاضي الإستراتيجي لا يشكل مجرد فرصة لتعزيز مفهوم دولة القانون و سيادته، بل يتعداها إلى تمكين فئات عديدة من المجتمع من أن يكون هذا القانون في خدمتهم ومن أجلهم وليس بوصفه سلطة الدولة في مواجهة الأفراد، عبر فهم القانون وما يتيحه من خيارات لتثبيت الحقوق و جعلها حقيقة اجتماعية وسياسية معترفًا بها من جانب الدولة، على اعتبار أن هذا القانون منتج اجتماعي وليس سلطة لقهر الأفراد.
ولأنه –أي التقاضي الاستراتيجي- دعوى قضائية فعلينا تعريف الدعوى القضائية بأنها: وسيلة قانونية لحماية الحق, مؤداها تخويل صاحب الحق مكنة الالتجاء إلى القضاء للحصول على حقه, أو لضمان احترامه.
ولم يرد للدعوى تعريف في القانون المصري وترك أمر تعريفها للاجتهادات الفقهية، ومن ثم نجد بعض الفقهاء قد عرفها بأنها:
(حق إجرائى يترتب على مباشرته التزام القاضى بسماع ادعاء المدعى ودفاع المدعى عليه ليقول القاضى كلمته فيما إذا كان هذا الادعاء مؤسسا أو غير مؤسس على القانون.
فالدعوى في قانون المرافعات هي محل العمل القضائي أي أنها محل بحث وتحقيق القاضى يؤكد في نهايته الحق أو ينفيه. وهذا يعنى أن من يستخدم الدعوى قد يكون صاحب حق، وقد لا يكون، ومع ذلك يعترف بها قانون المرافعات ويلتزم القضاء بالفصل فيها).
وهناك شروط للدعوى أن يتوافر في رافعها المصلحة والصفة كي يقوم القضاء بالنظر فيها.
وبدون الدعوى لا يستطيع القاضي النظر في حماية الحقوق والحريات مهما رأى بعينه من مظاهر لانتهاكها أو جرائم وقعت في شأنها، أو قوانين تنتقص من الحقوق والحريات، فالدعوى هي الوسيلة لجعل القضاء ينظر في أمر حق مدعى بانتهاكه أو الانتقاص منه أو التمييز بين المواطنين في حدود ممارسته.
وللدعوى شروط يتطلبها القانون وهي تنقسم إلى شروط عامة وأخرى خاصة وثالثة سلبية، فالشروط العامة عبارة عن خصائص إيجابية لقبول الدعوى وهي ما يعرف بالمصلحة في الدعوى، والشروط الخاصة هي ما يتطلب القانون توافره في دعوى معينة دون غيرها مثل المواعيد الخاصة التي ينبغي إقامة الدعوى خلالها، والشروط السلبية وهي ما يرتب القانون على تحققها عدم قبول الدعوى مثل انقضاء الدعوى بالتقادم أو سبق الفصل فيها.
التفرقة بين التقاضي الاستراتيجي والتقاضي:
قد يلتبس مفهوم التقاضي الاستراتيجي بغيره من وسائل الانتصاف أو الحصول على المساواة أو منع التمييز، وأكثر ما يمكن من حدوث للالتباس هو بين التقاضي والتقاضي الاستراتيجي.
أ/ أوجه التشابه:
- كلاهما دعوى قضائية ترفع أمام القضاء.
- كلاهما يستهدف تحقيق المساواة أو الحصول على حق أو حرية مكفولة بموجب الدستور أو المواثيق الدولية أو القانون.
- الحاجة إلى مشورة قانونية أو الاستعانة بمحامين.
- تجهيز الحجج القانونية وأوجه الدفاع والاستعداد لدرجة أخرى من التقاضي.
- الترضية القضائية المناسبة في نهاية الدعوى.
ب/ أوجه الاختلاف:
- التقاضي العادي يستهدف مصلحة شخص أو أشخاص الدعوى دون غيرهم.
- التقاضي الاستراتيجي يستهدف مصلحة عامة تتجاوز رافع أو رافعي الدعوى.
- الترضية القضائية غاية التقاضي العادي لشخوص الدعوى، بينما الترضية القضائية في التقاضي الاستراتيجي تغير سياسات وقوانين ويستفيد منها آخرون غير أطراف الدعوى.
- أثر التقاضي العادي حال ولحظي، بينما أثر التقاضي الاستراتيجي حال وممتد ويشمل فئات وأطراف لم يكن في حسبانها تحقيق المساواة أو اقتضاء حقوقهم وحرياتهم.
التفرقة بين التقاضي الاستراتيجي والمساعدة القانونية:
تقدم نقابة المحامين وكثير من منظمات المجتمع المدني خدمات المساعدة القانونية لغير القادرين وأحيانا تقدم المنظمات تلك الخدمة في القضايا التي تتصل بشأن الحرية أو الحق الذي تتبني الدفاع عنه، وبالرغم من المجهودات المقدرة التي تقدمها هذه الجهات إلا أنها لا تتعلق بسياسات وسلوكيات وإحداث أثر، فدائما ما تضع نصب أعينها-وفي حدود مواردها ومشروعاتها- مصلحة الموكل أو الشخص الذي لجأ إليها دون أن تكون لديها رؤية أوسع وأعمق لحدود المشكلة القانونية أو الحق محل الدعوى والمساعدة القانونية-وإن كانت لديها هذه الرؤية- فلربما لا تسعى إلى تحقيقها عبر التقاضي الاستراتيجي لأسباب متعددة منها:
- الشخص أو الأشخاص الذين لجئوا إليها لا يتحملون تبعات التقاضي الاستراتيجي من حيث الوقت وطول مدة التقاضي ورغبتهم في اقتضاء حقوقهم على وجه السرعة.
- قد تكون المنظمة ملتزمة بنوعية معينة من القضايا والتي لا يدخل في سياقها التقاضي الاستراتيجي.
- عدم قدرة المنظمة أو الجهة على تحمل التبعات المالية للتقاضي الاستراتيجي، أو عدم وجود مختصين فيها بهذا النوع من التقاضي.
وبالجملة يمكن القول أن خدمات المساعدة القانونية تستهدف تحقيق الترضية القانونية لصاحب المصلحة الذي لجأ إليها واستعان بها دون أن يتجاوز ذلك غيره.
آليات التقاضي الاستراتيجي:
التقاضي الإستراتيجي ليس عملاً فردياً فهو يتعلق بمصالح طائفة واسعة من الأشخاص، وهو سلاح ذو حدين، ففشل عملية التقاضي يؤدي إلى نتائج يصعب تداركها، أقلها تحصين قوانين وقرارات جائرة ومجحفة، ويحتاج التقاضي الإستراتيجي لفهم طبيعة المشكلة المراد حلها، والبعد القانوني لها، وفهم النظام القانوني والسياق السياسي والاجتماعي للمجتمع، وتقدير درجة استقلال القضاء ومهنيته، بالإضافة إلى تضافر جهود عدة أطراف تتكامل مسئولياتها وجهودها المشتركة.
أ/ تحضير الدعوى:
تذكرنا عملية تحضير الدعوى للتقاضي الاستراتيجي بما يتم داخل المحكمة الدستورية العليا وبما يتم في القضاء الإداري، حيث تتولى هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بمجلس الدولة بتحضير الدعوى القضائية ودراستها من كل جوانبها الدستورية والقانونية وأحيانا في ضوء المواثيق والاتفاقيات الدولية وإبداء الرأي في مآلها النهائي ووجه الحكم فيها ثم وضع الدعوى برمتها بين يدي المحكمة لتقضي فيها بما تراه مناسبا وفق ما تقوم به هي من دراسات وأبحاث وموازنة بين المستندات والأدلة والحجج المقدمة من طرفي الدعوى.
والأمر ذاته تقريبا في تحضير دعوى التقاضي الاستراتيجي فالدراسة هنا تعتمد في جوهرها على طرح خمسة أسئلة مبدئية يجب أن تكون الإجابة عليها بنعم كي يتم البدء في بناء ملف الدعوى تمهيدا لرفعها، وهذه الأسئلة هي:
- هل المسألة القانونية مجل الدعوى ترتبط بمشكلة اجتماعية أو مجتمعية واسعة النطاق؟.
- هل يسهم حكم المحكمة في حل هذه المشكلة؟ وهل سيكون له أثر يتجاوز أصحاب المصلحة في الدعوى؟.
- هل تعتبر النقاط الأساسية في القضية سهلة ومفهومة للإعلام؟ وهل يمكن جذب تغطية إعلامية؟.
- هل هناك طرق أخرى ممكنة لتحقيق نفس الأهداف؟ وما مدى فاعليتها مقارنة بالتقاضي الإستراتيجي؟.
- هل يتوافر في المحاكم ذات الاختصاص القضائي التي سترفع أمامها الدعوى الاستقلال عن الجهات الحكومية، والنزاهة الكافية، والفهم والقبول لموضوع الدعوى؟.
ويمكننا هنا أن نضيف أسئله أخري حول فريق العمل وهل هو مؤهل لمثل هذه النوعية من القضايا أم لا؟ هل الأشخاص اللذين سترفع الدعوي بإسمهم سيصمدون للنهايه إذا مورس ضغطا عليهم كي يتنازلوا عن دعواهم ؟ وهذا لا يعني عدم وجود جوانب أخري قد تكون مطلوبه حسب موضوع كل دعوي
ب/ بناء الملف:
بعد تحضير دعوي التقاضي الاستراتيجي يتوجب البدء في بناء ملف الدعوى، وبناء الملف عملية هامة جدا قد يتوقف عليها مصير عملية التقاضي الاستراتيجي برمتها، وتؤدي في حالة التهاون أو عدم الإلمام بها إلى عواقب وخيمة على الحق المراد تحقيقه أو على الفئة المستهدفة جراء عملية التقاضي الاستراتيجي، ويجب أن يتضمن الملف ما يلي:
- تحديد النصوص القانونية والتشريعية أو القرار الإداري محل المشكلة.
- تحديد النصوص الدستورية ذات الصلة.
- تحديد المواثيق الدولية ذات الصلة.
- تحديد أحكام المحاكم العليا والسوابق القضائية التي تخص ذات النصوص التشريعية.
- تحديد الآراء الفقهية والنظريات القانونية ذات العلاقة.
- دراسة جميع المواد دراسة وافية تمهيدا لإعداد الدعوى القضائية والحجج التي تؤيدها.
- تحديد الأهداف المبتغاة جراء رفع الدعوى هل هي إلغاء نص تشريعي أم إلغاء قرار إداري، أم إقرار مبدأ قضائي جديد يستفيد منه قطاع كبير من المواطنين.
- مراعاة الإجراءات السابقه علي إقامة الدعوي والتي تتطلبها بعض القضايا مثل التظلم الوجوبي من القرار قبل الطعن عليه والتقدم بطلب للجنة فض المنازعات في قضايا التسويات للموظفين أومكاتب التسويه الوديه في محاكم الأسره وغيرها من الاجراءات الوجوبيه
وقد يكون ومن المفيد أن يتم عمل حلقة دراسية عن الموضوع يدعى إليها المتخصصون والخبراء والمهنيون لإثراء المناقشات وتبادل الخبرات والمعارف وأن تعكف مجموعة عمل مصغرة على فحص توصيات الحلقة الدراسية للمساهمة في كتابة عريضة الدعوى أو المذكرات، وكذلك الانشغال بقواعد الاختصاص القضائي والولاية القضائية وتوافر الصفة في المدعي والمصلحة في رفع الدعوى.
ج/ فريق العمل:
من الأمور الهامة في تخطيط وإدارة التقاضي الاستراتيجي اختيار فريق عمل متناغم وعلى دراية تامة بعملية التقاضي الاستراتيجي وغاياتها وآلياتها وإجراءاتها، إذ أن هذا الفريق هو المسئول عن الغاية النهائية المتوخاة جراء عملية التقاضي الاستراتيجي، ويجب أن يكون في الفريق:
- محامون ذوي دراية وتخصص وإلمام بعملية التقاضي الاستراتيجي، أمام الجهات القضائية كافة يكون منهم المتخصصون في القضاء الإداري والملمون بالقضاء الدستوري والقضاء العادي، ذلك أن الدعوى الدستورية مثلا وفق أحكام القانون لا يمكن رفعها ابتداء أمام المحكمة الدستورية العليا بل يتعين أن تكون هناك دعوى أمام منظورة القضاء، ودفع بعدم دستورية قانون أو نص في قانون أمامها واقتناعها بهذا الدفع ومن ثم تقوم محكمة الموضوع بإحالة الدعوى إلى الدستورية العليا، أو تصرح لاحد الخصوم بإقامة دعواه في مده لا تجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ التصريح هنا يجب وجود محام ذو خبرة في كلا المجالين.
ورغم ذلك نجد بعض المحامين يقيموا دعاوي دستوريه مباشره أمام المحكمه الدستوريه طاعنين علي نصوص قانونيه بها عوار بهدف تسليط الضوء علي تلك النصوص مع علمهم بأن هذا الاجراء المباشر مخالف للطريق الذي رسمه القانون بشأن طرق الولوج للمحكمه الدستوريه
- لا يقتصر فريق العمل على المحامين وحدهم بل يجب أن يشمل معهم خبراء في مجال الدعوى وكسب التأكيد الذي يستطيعون الوصول للدوائر الإعلامية كي يتم بناء رأي عام مناصر وداعم لموضوع التقاضي الاستراتيجي.
كما تشمل الأنشطة استمرار المناصرة حتى بعد الحكم في الدعوى، فبعض الأحكام التي صدرت لصالح المستفيدين قد لا تنفذ بالضرورة لأن الجمهور نسيها، ولأن الحكومات والخاسرين سيحاولون تجاهل تنفيذ الحكم ووضع العقبات أمام تنفيذه، فحملات المناصرة تستهدف حشد الظهير الاجتماعي وجعله حاضرا ويقظا للضغط من أجل تنفيذ قرارات المحكمة.
د/ إجراءات رفع الدعوى:
إجراءات رفع دعوى التقاضي الاستراتيجي هي ذاتها إجراءات التقاضي العادي، فالقانون لا يعرف فرقا بين الدعويين، ولا يميز في الإجراءات بينهما.
ومن ثم فالإجراءات تختلف فقط تبعا لموضوع الدعوى وللمحكمة التي ترفع إليها.
فهناك بعض القضايا التي يمكن تحريكها عن طريق الإدعاء المباشر، وقضايا أخرى يتوقف العمل فيها على شكوى من المضرور.
كما أن إجراءات التقاضي في القضائين العادي والإداري تختلف تماما عن إجراءات الطعن بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا.
وفي كل الأحوال يتعين على فريق العمل في التقاضي الاستراتيجي مراعاة أحكام التقادم في بعض القضايا وهذا يحدد لهم متى يجب مباشرة التقاضي من حيث توقيته ومواعيده.
أهداف التقاضي الاستراتيجي:
كما أسلفنا التقاضي الاستراتيجي هو تقاضي الأثر ويهدف إلى إحداث تغييرات واسعة تمس طائفة كبيرة من المواطنين وهو وسيلة لتعزيز الحقوق والحريات، على أننا يمكن تحديد أهداف التقاضي الاستراتيجي فيما يلي:
- تحقيق المساواة فالتقاضي الاستراتيجي يتغيا تحقيق المساواة بين أصحاب المراكز القانونية المتكافئة عبر السعي لإلغاء قانون أو قرار إداري يكرس لنوع من التمييز المنهي عنه في الدستور أو في المواثيق الدولية.
- قد يؤدي التقاضي الاستراتيجي إلى سن قانون جديد يكفل تحقيق المساواة بكشف الفجوات بين القوانين ولفت نظر المشرع عن طريق القضاء بوجوب سن تشريعات تسد هذه الفجوة.
- قد يسهم التقاضي الاستراتيجي في تطبيق قانون داعم لحقوق وحريات الأشخاص لكنه مهمل في التطبيق، مثال ذلك نص المادة 57 من دستور 1971 والتي تعتبر انتهاك أي من الحقوق والحريات جريمة لا تسقط بالتقادم والتي جرى استخدامها في رفع دعاوى تعويض ضد وزارة الداخلية جراء قضايا التعذيب التي تعرض لها عدد من المواطنين في أقسام ومراكز الشرطة. فهذا النص على الرغم من وجوده في الدستور لم يقم أحد بالاستناد إليه للتعويض عن أي من حقوقه التي تم انتهاكها قبلما تفعل ذلك بعض المنظمات الحقوقية.
- يسهم التقاضي الاستراتيجي في وضع قضية معينة أو مطلب معين في بؤرة الضوء، و رفع الوعي العام، وخلق النقاش والجدل العام. مع اعتبار أن أغلب إجراءات المحاكمات تكون مفتوحة وعامة في الكثير من جهات الاختصاص، فقد يكون ذلك أيضا فرصة ممتازة لتغطية إعلامية لكافة الأطراف والمنظمات المشاركة في الدعوى لخلق رأي عام موحد لتأييد قضيتكم الأساسية. إن تغيير المواقف العامة إذا كان ملموساً على أرض الواقع له أهمية كبرى لإحراز أي نصر.
إشكاليات وصعوبات التقاضي الاستراتيجي:
صعوبات كثيرة قد تعترض طريق التقاضي الاستراتيجي، قد تبدو جلية في البداية حين تتم الإجابة بالنفي على الأسئلة الستة المبدئية التي يتحدد على ضوئها البدء في بناء ملف الدعوى القضائية، وقد تظهر أثناء إعداد ملف الدعوى، ويمكن إجمال الصعوبات والإشكاليات التي تعترض التقاضي الاستراتيجي في الآتي:
- في حال صدور أحكام من المحاكم العليا بشأن قضية مشابهة للقضية محل التقاضي وصدور حكم فيها بالسلب فإن ذلك يمنع من الإقدام على التقاضي الاستراتيجي لمعرفة النتيجة مسبقا، ومن ثم سيكون الجهد المبذول فيها مضيعة للوقت والمال، بالرغم من أن القضية قد تكون عادلة لكن الحكم المسبق يقف في طريقها.
- الحال عينه أثناء مراجعة السوابق القضائية الصادرة من المحاكم العليا والمبادئ القضائية التي أقرتها، إذا ما كانت تلك المبادئ تتقاطع مع النصوص القانونية محور مشكلة التقاضي الاستراتيجي، فقد يكون من المتعذر هنا اللجوء للتقاضي الاستراتيجي، حيث أن مبادئ المحاكم العليا غالبا ما تكون نصب أعين القضاة في المحاكم الابتدائية ولا يتمكنون من تجاوزها لأنهم حال فعلهم هذا فإن المحكمة العليا ستقضي –فيما بعد- بما يتسق مع المبادئ التي أقرتها. ورغم ذلك إلا أنه توجد بعض الدوائر بالمحاكم العليا خاصه بتوحيد المبادئ إذا كانت هناك مبادئ قضائيه متعارضه
- كثير من المدعين يرفضون خوض التقاضي الاستراتيجي، خاصة الطعن بعدم الدستورية إذا يرون أنه طريق مكلف وطويل، ويكونون في حاجة إلى أن تفصل محكمة الموضوع في محل النزاع لا أكثر وفي حالة خسارتهم للدعوى فقصارى ما يعملون من أجله هو الطعن أمام محكمة أعلى أو استئناف الحكم دون رغبة في اللجوء إلى الدستورية.
- عملية التقاضي الاستراتيجي عملية طويلة زمنيا-وهي إن كان تخطيطها جيدا- إلا أنه لا يمكن التحكم في نتائجها لأسباب عدة، نذكر منها: مدى حيدة واستقلال القاضي والقضاء، عقيدة القاضي في تكوين حكمه، حجج ودفوع المحامين عن المدعى عليهم، نكوص الشهود أو الضغط عليهم حال استدعى الأمر شهودا، وعدم التحكم في نتائج التقاضي الاستراتيجي قد يؤدي إلى عدم اللجوء لهذه الوسيلة لتحقيق الأهداف المرجوة من وراء التصدي للمشكلة محل التداعي.
- كما هو الحال في أي دعوى قضائية، لا يمكن ضمان الناتج. حتى في حالة كسب دعوى التقاضي الاستراتيجي فقد يكون لقضيتكم أثر قليل على أرض الواقع إن لم يوجد نظام لتطبيق الحقوق أو الممارسات أو السياسات الجديدة. من المهم أيضاً أن تتذكروا أن حكم المحكمة لا يعكس بالضرورة الرأي العام، وقد يتوفر لديكم دعم قليل لإحداث التغيير على أرض الواقع. إذا وجدت معارضة واسعة، فقد يحدث حتى أن تقلب الحكومة النتيجة بتشريع قانون جديد أو قاعدة جديدة. إذا تخوفتم من أن يكون لقضيتكم أثر قليل في المجتمع أو في دائرة الاختصاص التي رفعتم أمامها القضية، فكروا أولا في المحاولة بطرق أخرى للمناصرة لبناء الدعم وتمهيد الطريق للتغيير.
الوحدة التدريبية السابعة
التقاضي الاستراتيجي
والبدائل المتاحة كالدعوة وكسب التأييد
هدف الوحدة التدريبية: تمكين المتدربين من الإلمام ببدائل التقاضي الاستراتيجي لدعم قضية معينة في حال تعذره. وتعرفهم على العلاقة بين حملات الدعوة وكسب التأييد والتقاضي الاستراتيجي.
الوسائل التدريبية: ورق قلاب، أقلام ملونة، داتا شو.
أسلوب التدريب: نقاش، أسئلة، حوار، …
الأنشطة: مجموعات عمل
حيث يقسم المدرب المتدربين إلى ثلاث مجموعات عمل، ويعرض عليهم المرفق رقم (2) بعنوان نموذج لتصميم حملة للدعوة وكسب التأييد ويمنحهم وقتا قدره (30) دقيقة لاختيار قضية وتصميم حملة لمناصرتها وكسب تأييد الجمهور لأهدافها.
ثم تختار كل مجموعة واحد منها لعرض خطة الحملة التي صمموها ويكون العرض لمدة (5) دقائق لكل مجموعة.
الهدف من النشاط: تمكين المشاركين من آلية العمل الجماعي والتنظيم والالتزام بالمدى الزمني المخصص للإنجاز.
مدة النشاط: (45) دقيقة.
المرفقات: أ/ ورقة مرجعية رقم (6) بعنوان التقاضي الاستراتيجي والبدائل كالدعوة وكسب التأييد.
ب/ نموذج لتصميم حملة للدعوة وكسب التأييد.
مدة الوحدة التدريبية: (120) دقيقة.
التقاضي الاستراتيجي
والبدائل المتاحة كالدعوة وكسب التأييد
تمهيد:
لا شك في أهمية حملات الدعوة وكسب التأييد لصالح بعض القضايا القانونية الداعمة للحقوق والحريات والرامية إلى تحقيق المساواة ومنع التمييز، فالحملات الناجعة يمكنها إحداث أثر تنسحب نتائجه على قطاعات كبيرة وواسعة مورس ضدها التمييز بقصد أو بدون، بموجب قانون أو بموجب عرف غير معلن أحيانا.
وربما يمكن القول أن حملات مثل هذه والتي كسبت تعاطف الكثيرين قد أدت إلى إقرار قوانين أسهمت ولو بشكل محدود أو نسبي إلى تبني دستور 2014 لنص يلزم مجلس النواب بإقرار قانون لبناء وترميم الكنائس والذي صدر فيما بعد برقم 80 لسنة 2016.
فحملات الدعوة وكسب التأييد يمكنها تحقيق ذات الأثر الذي قد يحققه التقاضي الاستراتيجي، كما أنها في الوقت ذاته يجب أن تتزامن معه لتشكيل رأي عام داعم للقضية التي يتبناها التقاضي الاستراتيجي وأحيانا في حالات الصعوبات التي يواجهها التقاضي الاستراتيجي يمكن اللجوء إليها كبديل له.
والبعض يرى أن التقاضي الاستراتيجي نفسه وسيلة من وسائل الدعوة وكسب التأييد، غير أن بينهما-من وجهة نظرنا فارق كبير، كون الأول وسيلة قضائية بحتة يجري عليها ما يجري على كافة الوسائل القانونية بينما الثانية متحررة من كل قيد وتسعى وتتحرك وتنمو في مجالها العام بين الناس بعيدا عن أروقة المحاكم وساحات القضاء.
ورغم ما بينهما من فارق إلا أنه يتوجب التخطيط لحملة من حملات الدعم وكسب التأييد أثناء البدء في اتخاذ إجراءات التقاضي الاستراتيجي وبالتزامن بينهما.
وذلك لتحقيق أحد أمرين:
أولهما اكتساب الرأي العام وضمه لصالح المشكلة التي تتبناها عملية التقاضي الاستراتيجي ليمثل ضغطا على صناع القرار وحراكا في اتجاه حل المشكلة محل التداعي.
أما ثانيهما ففي حالة ثارت صعوبات واعترضت طريق التقاضي الاستراتيجي، أو لم تر الدراسة وتجهيز الدعوى حاجة لرفعها لسبب قانوني فيمكن ساعتها الاتكاء على حملة الدعوة وكسب التأييد للوصول إلى حل للمشكلة.
وفي كل الأحوال سواء ارتأت المنظمة المعنية أو المحامي خوض أو عدم خوض التقاضي الاستراتيجي فإنه يتعين عليها أو عليه تصميم وصياغة حملة للدعوى وكسب التأييد لصالح القضية أو المشكلة التي يعمل/تعمل على حلها.
لأنه من غير المستساغ ترك حق أو حرية دون العمل بكافة الوسائل لتقريره وحمايته وضمان مساواة المواطنين في التمتع بممارسته، فالحقوق لا يمكن التنازل عنها أو تركها.
حملات الدعوة وكسب التأييد:
عرفها البعض بقولهم:
بأنها عبارة عن محاولة منظمة لتغيير سياسة أو ممارسة أو موقف ما عبر تقديم الأدلة والحجج حتى يتسنى إقناع جهة ما بكيفية وسبب ووجوب حدوث التغيير. أو هي فعل مقصود وموجه نحو تغيير السياسات أو المواقف أو البرامج في أي نوع من القرارات المطلوب تطويرها أو تغييرها أو التأثير على أساليبها أو حتى إلغائها.
بينما عرفها آخرون بأنها:
الدعوة تعنى التحدث بصوت مرتفع وجذب اهتمام أفراد المجتمع نحو إحدى المشكلات أو القضايا العامة وتوجيه أنظار صناع القرار نحو الحل المقترح. كما أنها تعنى العمل مع الآخرين من الأفراد و المنظمات لإحداث تغيير إيجابي في المجتمع.
تصميم حملة الدعوة وكسب التأييد:
1/ تحديد قضية حملة الدعوة وكسب التأييد:
في البداية يجب العمل على تحديد القضية التي ستكون محلا لحملة الدعوة وكسب التأييد، ولا يقتصر تحديد القضية على مجرد ذكرها وفقط، بل يجب أن يتعدى ذلك إلى بيان المشكلة بيانا دقيقا يشمل جوانبها المختلفة وزواياها من كل جانب وفهما وتحديد أسبابها وآثارها السلبية وزوايا التعامل معها.
2/ تحليل القضية الحملة:
وبعد التحديد الدقيق للمشكلة يجب أيضا تحليلها من خلال محورين:
تحليل البيئة السياسية: تحليل البيئة السياسية خطوة مهمة لأنها ستعمل على الإجابة على الأسئلة التالية:
هل البيئة السياسية بالنسبة للموضوع التشريعي المحدد ناضجة لإحداث التغيير المقترح؟ هل يوجد انفتاح سياسي في البلد والمتمثل بحرية المشاركة في مناقشة وانتقاد السياسات والتشريعات القائمة من قبل الشخصيات الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني؟ ما هي آليات وخطوات صياغة وتطوير التشريعات والسياسات في الموضوع التشريعي المحدد رسمياً وغير رسمياً؟ ومن هي الجهات المخولة بعملية الصياغة هذه وعلى أي مستوى؟ هل الموضوع أو القطاع الذي تم تحديده يتم مناقشته بشكل واسع وعلى جميع المستويات ويمثل أولوية للحكومة وبعض الجهات المانحة؟.
تحليل البيئة الاجتماعية والثقافية: إذا كانت أسباب المشكلة بشكل كامل أو جزئي هي أسباب اجتماعية/ ثقافية مثل مشكلة الثأر على سبيل المثال فإن البيئة الاجتماعية والثقافية تؤثر على حل المشكلة بشكل عام وعلى نجاح حملات المناصرة بشكل خاص وتحليلها بشكل جيد يتضمن الإجابة عن الأسئلة التالية:
هل يوجد وعي بالمشكلة المطروحة وتأثيرها على حياة المجتمع؟ هل المجتمع ناضج لإحداث التغيير في القضايا الاجتماعية والثقافية؟ هل هناك قضايا محظور التعامل معها؟.
3/ وضع أهداف حملة الدعوة وصياغتها:
الأهداف بطبيعتها تنقسم إلى فئتين، والبعض يقسمها إلى ثلاث فئات، فمن حيث أنها فئتين، تتمثل أول فئة في الهدف العام للحملة والذي يمكن اعتباره هو رؤية القائمين على الحملة لما يمكن إحداثه من تغيير في قضية الحملة ذاتها وذلك على المدى الطويل للحملة، أما الفئة الثانية فهي الأهداف المحددة والتي يمكن تحقيقها على المدى الزمني القصير والمتوسط أثناء سير الحملة.
ومن حيث من يقسمها إلى ثلاثة فئات فالفئة الأولي هي الهدف بعيد المدى للحملة ويصف ما يمكن تحقيقه من تغيير وأثر يحتاج في قياسه إلى سنوات.
أما الفئة الثانية فهي الأهداف متوسطة المدى وهى التى تعكس النجاحات التى يمكن أن تتحقق فى منتصف الطريق أو التى تؤدى إلى تحقيق الأهداف بعيدة المدى لحملة الدعوة.
والفئة الثالثة هي الأهداف قصيرة المدى وهى الخطوات التى يلزم اتخاذها لتحقيق الأهداف متوسطة المدى ويتم ذلك من خلال تنظيم المشاركة الشعبية أو كسب التأييد المبدئى لبعض المسئولين المحليين مثلا.
ويجب أن تصاغ الأهداف بحيث تكون:
- محددة: يجب أن تكون الأهداف محددة بأوضح الكلمات الممكنة وبعيدة عن المترادفات الاصطلاحية، والبلاغية.
- قابلة للقياس: تحري الدقة قدر الإمكان بشأن من، وماذا، وأين، ومتى وكيف؟. وهي الأسئلة الخمسة الواجب توافر الإجابة عنها لتحديد إمكانية قياس تحقق الهدف.
- قابلة للتحقق: عند الإجابة على الأسئلة بشكل واضح: من وماذا وأين ومتى وكيف، كلما زادت قابلية تحقيق الأهداف. إن أهداف المناصرة كالتمكين ورفع الوعي تكون طويلة المدى وبعيدة المنال. يمكن تصوّر علامات أساسية دالة على الطريق لتحديد ما يمكن أن يفعله الأشخاص الذين سيتم تمكينهم أو رفع وعيهم واجعلوا تلك أهدافكم المحددة.
- واقعية: يجب أن تكون الأهداف المحددة واقعية وقابلة للتحقق في الإطار الزمني المحدد، وأن تكون ضمن حدود الموارد المالية والبشرية المتاحة.
- محددة زمنيا: ينبغي أن يتضمن الهدف المحدد إطار زمني واضح يمكن تحقيق التغيير من خلاله ويجب أن يكون الإطار الزمني أيضاً واقعياً.
تحديد رسالة حملة الدعوة:
الرسالة هي عبارة موجزة للتعريف بقضية الدعوة وهدفها العام وهي تتضمن ما نسعى إلى تحقيقه وأسباب ذلك والطريقة التي نتبعها لتحقيق أهداف الدعوة. وحيث أن الغرض من توجيه هذه الرسائل هو حث متلقيها على المشاركة بدور إيجابي في مساندة قضية الدعوة المطروحة، فإنها يجب أن تحتوي على الدور الذي تود منهم القيام به وما تتوقعه منهم تحديداً في هذا الإطار.
ويجب أن تكون الرسالة:
- دقيقة ووجيزة وبها قدر من الإقناع.
- بيان ما تريد الحملة تغييره وأهميته.
- لا تزيد ع ثلاث أو أربع جمل واضحة، سهلة الفهم.
تحديد إستراتيجية الدعوة:
لضمان نجاح الحملة وزيادة تأثيرها يجب تحديد الإستراتيجية المناسبة لها، فبعض القضايا لا يصلح معها التعامل بإستراتيجية تعتمد على الجهات الرسمية والمسئولين وغيرهم بل يناسبها العمل على إحداث تغيير نوعي في ثقافة المجتمع مثل قضايا النوع الاجتماعي وقضايا حرية المعتقد فيناسبها أكثر تلك الاستراتيجيات المتعلقة برفع وعي المجتمع بأهمية هذا النوع ويترتب على ذلك وضع خطة الحملة وأدواتها وفق ما يتسق مع هذه الإستراتيجية.
ويمكن تعريف الإستراتيجية بأنها: “الرؤية العامة لخطة التحركات التنظيمية الهامة، ومدخل التأثير على صنع القرار، والأدوات التى تستخدم فى تحقيق أهداف حملة الدعوة وتحقيق رسالتها”.
ولتحديد الاستراتيجيات والأدوات المناسبة لأي حملة مناصرة، يجب الإجابة عن الأسئلة التالية:
- ما هو نوع القضية المراد مناصرتها )اجتماعية، سياسية، دينية، ثقافية… الخ).
- ما هي الأدوات المناسبة لتنفيذ الحملة؟.
- هل سيتم العمل ضمن تحالفات أم شبكات أم بشكل فردي؟.
- ما هو دور الجمعية أو المؤسسة في هذه القضية؟.
ولتحديد إستراتيجية حملة أهمية كبرى في سير الحملة وتحقيق أهدافها:
- وجود الإستراتيجية هام للتنسيق بين المكونات المختلفة للحملة، فلا يحدث التضارب أو التناقض بينها.
- تهتم الإستراتيجية فى حملة الدعوة بالنتيجة النهائية للحملة، وبالتالي تجنب المنظمة الإحساس باليأس والفشل، وتساعدها على المرور من فترات الإحساس بعدم الفائدة.
- تحمى الإستراتيجية المنظمة من الانحراف عن طريقها أثناء حملة الدعوة وكسب الرأي، مهما كانت هناك دوافع قوية لهذا الانحراف.
- تساعد الإستراتيجية قادة حملة الدعوة من توقع الأحداث القادمة، والاستعداد لمجابهتها.
- الإستراتيجية تحمى المنظمة التى تتبنى حملة الدعوة من مخاطر الحملة.
أهداف حملات الدعوة وكسب التأييد:
- إيصال أصوات من لا صوت لهم إلى الجهات المعنية.
- مساندة أصحاب القضايا التي تهم وتؤثر على المواطنين لإيصال قضاياهم والإعلان عنها والتوصل لحلها.
- تعزيز أو تقوية أو تغيير السياسات أو البرامج أو التشريعات.
نماذج حملات إستهدفت قوانين معينه:
ونشير هنا إلي بعض نماذج حملات ظهرت في خلال العشر سنوات الماضيه كانت تستهدف قوانين معينه
- حملة العمال والفلاحون يكتبون الدستور
تشكلت بالتوازي مع عمل الجمعيه التأسيسيه لدستور 2012 وكانت تستهدف عمل مسودة مشروع لدستور ما بعد ثورة يناير 2011 .
- حملة نحو قانون عادل للعمل
تشكلت من عدد من القيادات العماليه والمحامينوالأحزاب السياسيه وبعض منظمات المجتمع المدني وكانت تستهدف صياغة تشريع بديل لقانون العمل الحالي وإستطاعت هذه الحمله كتابة مشروع لقانون العمل راعت أن يتوافر فيه شروط عمل عادله ويراعي إتفاقيات منظمة العمل الدوليه وعالجت بعض القصور التشريعي في قانون العمل وقدمت الحمله هذا المشروع لوزارة القوي العامله .
- حملة الحريات النقابيه
تشكلت من عدد من القيادات العماليه والأحزاب والحركات السياسيه والمحامين وبعض منظمات المجتمع المدني وكانت تستهدف صياغة تشريع بديل لقانون النقابات وإستطاعت هذه الحمله كتابة مشروع للحريات النقابيه وطرحته للنقاش المجتمعي .
- حملة لا للمحاكمات العسكريه
تشكلت من بعض الحركات السياسيه وشباب ثورة يناير بهدف حظر محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري في فترة حكم المجلس العسكري ما بعد ثورة يناير .
نموذج تصميم حملة للدعوة وكسب التأييد
أولا: قضية الدعوة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثانياً: تحليل القضية
أسباب متعلقة بالسياسات والقوانين والإجراءات:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسباب متعلقة بآليات تنفيذ القوانين والإجراءات:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسباب متعلقة بالثقافة والمعتقدات والسلوكيات:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثالثاً: أهداف الدعوة:
أهداف بعيدة المدى:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أهداف متوسطة المدى:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــأهداف قصيرة المدى:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابعا: رسائل الدعوة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خامساً: تحديد استراتيجيات الدعوة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سادساً: تحديد أساليب الدعوة:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوحدة التدريبية الثامنة
صور التقاضي الاستراتيجي
هدف الوحدة التدريبية: يصبح المتدربين بنهايتها على إلمام كامل بمعظم صور التقاضي الاستراتيجي . يصبح المتدربين على دراية بالتصرف القانوني حيال كل قضية يتعاملون معها واختيار أسلوب وصورة التقاضي الاستراتيجي الصحيحة.
الوسائل التدريبية: لوح قلاب، أقلام ملونة، داتا شو…
أسلوب التدريب: عرض النماذج المختارة، الحوار، النقاش، مجموعات عمل (حسب رؤية المدرب).
تمرين تنشيطي: صفوف أعياد الميلاد
مدة التمرين: 10 دقائق.
الإجراءات: يطلب المدرب من المتدربين عدم الكلام والتعبير بأيديهم أو برؤوسهم.
يطلب المدرب من مواليد الأول من يناير أو أقرب تاريخ إليه من يناير بالوقوف في أحد جوانب القاعة. ومن مواليد الحادي والثلاثين من ديسمبر أو أقرب تاريخ إليه بالوقوف في الجهة المقابلة.
ثم يطلب من الباقين الاصطفاف بحسب تواريخ ميلادهم دون التحدث مع بعضهم البعض.
بعد انتهاء التمرين يطلب المدرب من كل متدرب ذكر تاريخ ميلاده.
هدف التمرين: تنشيط المتدربين.
المرفقات: ورقة مرجعية رقم (7) بعنوان: صور التقاضي الاستراتيجي.
صور التقاضي الاستراتيجي
تمهيد:
يمكننا تشبيه التقاضي الاستراتيجي بالكائن الحي، الذي يتطور دائما، ويشهد كل يوم جديدا، فعلى الرغم من ثبات الهدف والغاية جراء التقاضي الاستراتيجي إلا أن صوره متعددة، ومتطورة، ومتجددة.
فحين بدأ طريقه في الثمانينات من القرن الماضي لم يكن المصطلح ذاته قد وجد، ففي قضية إضراب عمال السكة الحديد قضي ببراءة جميع العمال استنادا إلى نص الفقرة (د) من المادة (8) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي تجعل من الإضراب عن العمل حقا للعمال لاقتضاء وتحقيق مصالحهم وحقوقهم. وكان ذلك الحكم هو الأول الذي استند إلى ميثاق دولي على اعتبار أن مصر صدقت على العهد الدولي ونشرته في جريدتها الرسمية فأضحي تشريعا وطنيا قابل للتطبيق أمام المحاكم المصرية بموجب أحكام المادة 151 من دستور مصر الدائم الصادر عام 1971.
وبعد ذلك في التسعينات من القرن الماضي عرف التقاضي الاستراتيجي بأنه التقاضي الدستوري بحسبان تلك الصورة هي الأبرز في مجال إلغاء التشريعات التي تكرس للتمييز أو تنال من الحقوق والحريات المكفولة بموجب الدستور.
ثم اتجهت بعض المنظمات الحقوقية إلى القضاء الإداري لتتوج مجهوداتها القانونية بعدد من الأحكام التي مثلت منحي جديدا في مجال التقاضي الاستراتيجي وتعزيز الحقوق والحريات وحمايتها.
وظل مفهوم التقاضي الاستراتيجي يضم صورا جديدة كل يوم ويسجل انتصارا جديدا لمن التحق بركبه وعمل على تطوره حتى صار آلية من آليات حماية حقوق الإنسان تتجاوز الفرد إلى فئات واسعة من المتكافئين معه في مركزه القانوني.
ومن صور التقاضي الاستراتيجي: استهداف الطعن على نصوص أو قوانين بها عوار تشريعي ماس بالحقوق والحريات، تحقيق مصلحة عامة، تدشين مبدأ قضائي جديد، تمكين الطرف الأضعف، والأولي بالحمايه تطبيق نصوص مهملة تقر حقوقا وحريات عامة، ونستعرض ذلك فيما يلي:
1/ الطعن على نصوص أو تشريعات بها عوار تشريعي:
هي واحدة من الصور الأقدم التي ظهرت للتقاضي الاستراتيجي والأكثر فاعلية في مجال حماية حقوق الإنسان التي قد يتم الانتقاص من أي منها أو العصف ببعضها من خلال نص تشريعي جاوز فيه المشرع المبادئ الدستورية ذات الصلة بالحقوق والحريات، وهذه الصورة تنقسم إلى:
الطعن في تشريعات بكاملها:
ونجد لهذا مثلا في الطعن على دستورية القانون الخاص بفرض ضريبة على أجور ومرتبات العاملين المصريين في الخارج والصادر بالقانون رقم 208 لسنة 1994، وكان المستهدف بالطعن المواد من الأولى حتى الخامسة من هذا القانون، غير أن المحكمة ارتأت أثناء تشييد حكمها أن عدم دستورية المادة الأولى من القانون يؤدي إلى فراغ بقية مواد القانون من جوهرها فمن ثم قضت بعدم دستورية المادة الأولى والتي تنص على أنه: (تفرض ضريبة على الأجور والمرتبات وما في حكمها التي يتقاضاها العاملون المصريون في الخارج ممن يزاولون عملا لدى الغير يتوافر فيه عنصر التبعية.
ولا يخضع لهذه الضريبة المصريون المهاجرون هجرة دائمة الذين تتوافر فيهم الشروط الواردة في المادة (8) من قانون الهجرة ورعاية المصريين في الخارج الصادر بالقانون رقم 111 لسنة 1983). وبسقوط باقي نصوصه الأخرى.
مؤكدة في حكمها أن هذا القانون يعصف بالحق في المساواة الذي كفله الدستور وذلك بقولها: (وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون – وبقدر تعلقه بالحدود التي تباشر فيها هذه المحكمة ولايتها – مؤداه أنه لا يجوز أن تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية في مباشرتهما لاختصاصاتهما التي نص عليها الدستور، بالحماية المتكافئة للحقوق جميعها، سواء في ذلك تلك التي نص عليها الدستور أو التي ضمنها المشرع ومن ثم كان هذا المبدأ عاصما من النصوص القانونية التي يقيم بها المشرع تمييزا غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل عناصرها، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلا لوحدة تنظيمها، بل تكون القاعدة القانونية التي تحكمها، إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز، أو قاصرة بمداها عن استيعابها. لما كان ذلك، وكان القانون المطعون فيه قد استبعد من دائرة تطبيقه فئة من العاملين المصريين في الخارج، هم الذين لا يتوافر في عملهم عنصر التبعية بينما أخضع لأحكامه أولئك الذين يتوافر في عملهم ذلك العنصر، فإن هذا التمييز وقد قام على غير أسس موضوعية تبرره، يصم المبدأ الذي اعتنقه ذلك القانون بالإخلال بالمساواة التي كفلتها المادة 40 من الدستور).
الطعن في نصوص بعينها:
وهذا النوع له أمثلة كثيرة عبر تاريخ المحكمة الدستورية العليا، نذكر منها:
أ/ قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (14) من لائحة العاملين بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة الصادرة بقرار من رئيس مجلس إدارة الهيئة تحت رقم 1 لسنة 1990 فيما نصت عليه من “أما العاملين المؤقتين السابق تعيينهم بمكافأة شاملة بالهيئة فتحدد مرتباتهم بالمقارنة بين أول مربوط الدرجة المعينين عليها مضافا إليها البدلات والمميزات الأخرى المقررة، وبين المكافأة الشاملة التي كانوا يتقاضونها، ويمنحون أيهما أفضل.
وموجز الدعوى أن المدعية تعاقدت للعمل بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بإدارتها القانونية بتاريخ 27 يونيو 1995، وتم تعيينها بتاريخ 15 فبراير 1998 إلا أنها فوجئت بخصم العلاوة من مرتبها فضلا عن حرمانها من العلاوة الدورية المستحقة في 1 يوليو 1998 رغم أن بعض من عينوا معها في التاريخ ذاته احتفظت لهم الإدارة بمرتباتهم ومنحتهم العلاوة الدورية المستحقة، ومن ثم لجأت المدعية إلى مجلس الدولة لمساواتها بزملائها في الأجر وارتأت المحكمة أن المادة المشار إليها عاليه تتضمن تمييزا غير مبرر بين العمال ذوي المراكز القانونية المتكافئة فيما تضمنته من احتفاظ العامل الذي يعين على وظيفة دائمة بأجره الذي كان يتقاضاه إبان تعيينه بمكافأة شاملة وبين زميله الذي يعين ابتداءً على درجة دائمة والذي يستحق بداية الأجر المقرر للوظيفة.
ب/ كما قضت المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 260 لسنة 36 قضائية دستورية بجلسة 3 ديسمبر 2016 بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة العاشرة من القانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية وسقوط فقرتها الثانية فيما تضمنته من أن:
يجوز لوزير الداخلية أو مدير الأمن المختص في حالة حصول جهات الأمن – وقبل الميعاد المحدد لبدأ الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة- على معلومات جدية أو دلائل عن وجود ما يهدد الأمن والسلم، أن يصدر قرارا مسببا بمنع الاجتماع العام أو الموكب أو التظاهرة أو إرجائها أو نقلها إلى مكان آخر أو تغيير مسارها على أن يبلغ مقدمي الإخطار بذلك القرار قبل الميعاد المحدد بأربع وعشرين ساعة على الأقل. ومع عدم الإخلال باختصاص محكمة القضاء الإداري يجوز لمقدمي الإخطار التظلم من قرار المنع أو الإرجاء إلى قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الإبتدائية المختصة على أن يصدر قراره على وجه السرعة.
وخلاصة القضية أن المدعي كان قد أخطر قسم شرطة حي حدائق القبة للتصريح له في مسيرة سلمية حدد موعدها وخط سيرها والغرض منها إلا أنه وقبل موعدها بيوم أخطره القسم بمنع المسيرة لوجود معلومات بالتعدي عليها بما يخل بالأمن والسلم، ورفض القسم تغيير مسار المسيرة أو تحديد موعد آخر لها، فقام المدعي برفع الدعوى رقم 51801 لسنة 68 قضائية في مجلس الدولة طعنا على القرار السابق وأثناء نظر الدعوى دفع بعدم دستورية المادتين 8 ، 10 من القانون رقم 107 لسنة 2013 ومن ثم قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة 10 من هذا القانون مستندة إلى:
(الإخطار وسيلة من وسائل ممارسة الحق، وهو إنباء أو إعلام جهة الإدارة بعزم المُخطِر ممارسة الحق المُخطَر به، دون أن يتوقف هذا على موافقة جهة الإدارة أو عدم ممانعتها، وكل ما لها في تلك الحالة أن تستوثق من توافر البيانات المتطلبة قانونًا في الإخطار، وأن تقديمه تم في الموعد وللجهة المحددين في القانون…، فإذا اكتملت للإخطار متطلباته واستوفى شرائطه قانونًا، نشأ للمُخطِر الحق في ممارسة حقه على النحو الوارد في الإخطار، ولا يسوغ من بعد لجهة الإدارة إعاقة انسياب آثار الإخطار بمنعها المُخطِر من ممارسة حقه أو تضييق نطاقه.. فالضبط الإداري لا يجوز أن يُتخذ “تكئة” للعصف بالحقوق الدستورية).
2/ تحقيق مصلحة عامة:
تعتبر تلك الصورة من صور التقاضي الاستراتيجي من أهم صوره وأكثرها تأثيرا إذ أنها تستهدف مصلحة عامة ليس لأفراد بعينهم بل ربما يتخطى الواقع ذلك لتحقيق مصلحة عامة للدولة ذاتها، للشعب نفسه، ومن أهم الأحكام التي صدرت في هذا الشأن أحكام: الحد الأدنى للأجور، بطلان بيع وخصخصة الشركات الوطنية المملوكة للشعب مثل: شركة طنطا للكتان، شركة عمر أفندي، شركة النصر للمراجل البخارية، النيل لحلج الأقطان وغيرها.
أ/ بطلان بيع شركة النصر لصناعة المراجل البخارية:
قضت محكمة القضاء الإداري ببطلان عملية بيع شركة النصر لصناعة المراجل البخارية إلى شركة بابكوك آند ويلكوكس استنادا إلى أنه:
أراضي ومصنع ومباني شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط هي من الأموال العامة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 2460 لسنة 1962 باعتبار مشروع إقامة مصنع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط بناحية منيل شيحة مركز الجيزة محافظة الجيزة من أعمال المنفعة العامة، حيث نصت المادة (1) منه على أن (يعتبر من أعمال المنفعة العامة مشروع إقامة مصنع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط)، ونصت المادة (2) منه على أن (يُستولى بطريق التنفيذ المباشر على الأرض اللازمة لإنشاء المشروع المذكور والبالغ مساحتها 31 فدان و 23 قيراط و 13 سهم)، ومن ثم فإن اعتبار مشروع إقامة مصنع شركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط على المساحة المشار إليها بناحية منيل شيحة والمنزوع ملكيتها من المواطنين من أعمال المنفعة العامة يجعل المشروع بأصوله المادية والمعنوية وأراضيه ومبانيه من الأموال العامة المملوكة للدولة بصرف النظر عن مدى مشروعية قرار البيع وبالتالي لا يتم تملك ذلك المشروع أو أراضيه بالتقادم ولا يسري في شأنه أحكام انقضاء الالتزام بالتقادم أياً كان نوعه وفقاً لحكم المواد (87) و (374) و (386/1) من القانون المدني).
ب/ بطلان بيع شركة عمر أفندي:
أصدرت اللجنة الوزارية للخصخصة باجتماعها المعقود بتاريخ 1/1/2001 قراراً ببيع شركة عمر أفندي لمستثمر رئيسي وفقاً للأسس والقواعد التي تضمنها هذا القرار، و جاء ذلك تنفيذاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1765 لسنة 2000 بتشكيل اللجنة الوزارية للخصخصة ، ثم و بجلسة 6/1/2004 وافق مجلس الوزراء بالقرار رقم (80/1/4/7 ) على بيع عدد من الشركات و من بينها شركة عمر أفندي ( ص 15 بتقرير اللجنة المشتركة للجنتي الشئون الاقتصادية و الخطة و الموازنة المقدم إلى رئيس مجلس الشعب بتاريخ 21/6/2006 )، و بالتالي فقد باشرت الشركة القابضة للتجارة ، الشركة القومية للتشييد و التعمير حالياً ، باعتبارها الجهة التي تتبعها شركة عمر أفندي و المفوضة من وزارة الاستثمار في بيع مساهمات المال العام المملوكة للدولة المتعلقة بشركة عمر أفندي وفقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1506 لسنة 2005 بشأن تنظيم حصيلة برنامج إدارة الأصول المملوكة للدولة ، إجراءات البيع بالإعلان بعدد جريدة الأهرام الصادر بتاريخ 11/11/2005 عن مزايدة عامة بنظام المظاريف المغلقة لبيع شركة عمر أفندي وفقاً للشروط الواردة بكراسة الشروط و بعد اتخاذ كافة إجراءات المزايدة و البت فيها من قبل لجنة البت بتاريخ 29/4/2006 ، بقبول العرض المقدم من شركة أنوال المتحدة للتجارة لشراء 90% من أسهم شركة عمر أفندي مقابل مبلغ إجمالي مقداره( 589410000 ) جنيهاً، وافق مجلس إدارة الشركة القابضة بتاريخ 6/7/2006 على ما انتهت إليه لجنة البت ، كما وافقت المجموعة الوزارية للسياسات الاقتصادية بتاريخ 5/9/2006 على بيع أسهم شركة عمر أفندي وفقاً للثابت من كتاب وزير المالية رقم 2696 و المؤرخ 15/9/2006، و إفادة مجلس الوزراء بالموافقة ، ثم أقرت الجمعية العامة غير العادية للشركة القابضة باجتماعها الذي عقد بتاريخ 25/9/2006 ما انتهت إليه لجنة البت ، و بتاريخ 2/11/2006 جرى إبرام عقد بيع 90% من أسهم شركة عمر أفندي بين الشركة القابضة و شركة أنوال المتحدة للتجارة و جميل عبد الرحمن محمد القنبيط .
وقد قضت محكمة القضاء الإداري دائرة المنازعات الاقتصادية والاستثمار (الدائرة السابعة) بجلسة 7 مايو 2011 ببطلان البيع واسترداد الدولة لشركة عمر أفندي.
واعتبرت المحكمة أن حكمها هذا يعتبر بلاغا للنائب العام والجهات المسئولة عن الجرائم التي شابت عملية بيع شركة عمر أفندي:
(حيث إن المحكمة وهي تؤدي رسالتها القضائية قد تكشف لها ما تقدم من إهدار جسيم للمال العام و تجريف لأصول الاقتصاد المصري تم تحت قيادة العديد من الوزارات لأكبر عمليات تخريب للاقتصاد المصري و هي جرائم جنائية – إن ثبتت بعد تحقيقها – فضلاً عن كونها تمثل فساداً إدارياً يستوجب المساءلة ، و عملاً بحكم المادة (25) من قانون الإجراءات الجنائية التي أوجبت على كل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها ، و المادة (26) من القانون ذاته التي أوجبت على كل من علم من الموظفين العموميين أو المكلفين بخدمة عامة أثناء تأدية عمله أو بسبب تأديته بوقوع جريمة من الجرائم يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب ، أن يبلغ عنها فوراً النيابة العامة ، أو أقرب مأمور من مأموري الضبط القضائي ، فإن المحكمة تعتبر حكمها القضائي هذا بلاغاً لكل جهات التحقيق بالدولة ، للنيابة العامة ، و نيابة الأموال العامة ، و إدارة الكسب غير المشروع ، و النيابة الإدارية ، لتتخذ كل جهة حيال هذا الأمر ما أوجبه القانون و ما يقي البلاد شر الفساد).
3/ تطبيق مبدأ قضائي جديد:
من صور التقاضي الاستراتيجي الهامة صورة تطبيق مبدأ قضائي جديد، خاصة إذا تم تأييده بعد ذلك من محكمة من المحاكم العليا كالنقض والإدارية العليا والدستورية، ففضلا عن كون الاجتهادات القضائية تعتبر من مصادر القانون فإن المبادئ التي تقرها المحاكم العليا تلزم غيرها من المحاكم على عدم مخالفة ما أقرته من مبادئ وإصدار الأحكام على هديها، وفي ضوء ما انتهت إليه، وباستقراء كثير من الأحكام الصادرة من المحاكم العليا نجد أنها قد أقرت العديد من المبادئ القضائية الجديدة التي نأمل أن تجد طريقها إلى التشريعات المصرية.
أ/ مبدأ إلزام وزارة الداخلية بالإفصاح عن مكان مختفية قسريا:
حيث ألزمت المحكمة الإدارية العليا وزارة الداخلية بضرورة الإفصاح عن مكان سيدة اختفت بعد القبض عليها في غضون عام 2014، مستندة في تقريرها لهذا المبدأ القضائي الهام على:
الثابت من الأوراق أن شقيقة المطعون ضده، تعمل طبيبة بمستشفى صحة المرأة بأسيوط، ونائب مقيم بمستشفى جامعة أسيوط وذكر المطعون ضده أن شقيقته المذكورة اختفت منذ 18/4/2014 أثناء عودتها إلى منزلها بسوهاج إثر قيام قوات الشرطة بالقبض عليها – وهو ما لم تنكره الجهة الإدارية الطاعنة – وتم تحرير المحضر رقم 2536 لسنة 2014 إداري أول أسيوط بذلك ولم يعثر لها على أثر في السجون المصرية – بحسب رد الجهة الإدارية الطاعنة – ولا يزال مصيرها غير معلوم واكتفت وزارة الداخلية في ردها على كلمة موجزة بأنه لم يستدل على شقيقة المطعون ضده بقاعدة بيانات نزلاء السجون، ولا ريب في أن امتناع وزارة الداخلية عن الإرشاد عن مكان تواجد شقيقة المطعون ضده ومعرفة مصيرها وكشف حالة الغموض المحيطة بها يتصادم مع واجبات وزارة الداخلية الدستورية والتزاماتها وواجباتها القانونية ويتعارض مع كرامة الفرد التي هي انعكاس طبيعي لكرامة الوطن إذ إنه بقدر كرامة الفرد تكون مكانة الوطن وقوته وهيبته، ويجافى الالتزام الدولي في حظر الاختفاء القسري.
ب/ مبدأ إلزام وزارة الداخلية بالسماح لكل محتجز بمكالمة هاتفية مجانية:
بتاريخ 2 يوليو 2017، أصدرت الدائرة الأولى (فحص الطعون) بالمحكمة الإدارية العليا حكماً جديداً من أحكام المبادئ التي تؤسس لمجتمع تُحترم فيه الحقوق والحريات وتحاط بالحماية القضائية والكرامة الإنسانية وذلك بالإلزام وزارة الداخلية بالسماح لكل من احتجز لأي سبب كان بإجراء مكالمة هاتفية مجانية للاتصال بذويه أو محاميه لإعلامهم بمكان احتجازه.
واستندت المحكمة في حكمها على:
المشرع لم يشترط أن يتم هذا الاتصال بوسيلة معينة أو محددة، وإنما أجاز أن يتم ذلك بصفة عامة بكل وسائل الاتصال المتاحة دون أن يقصرها على وسيلة دون غيرها، وإذا كان الدستور والقانون قد كفلا هذا الحق المتفرع عن الحق في الدفاع، الذي يعد من الحقوق والحريات العامة، فضلاً عن أن لذوي كل من يقبض عليه أو يعتقل دون علمهم الحق في معرفة مكان من يقبض عليه أو يعتقل من أبنائهم حتى يطمئن بالهم عليهم ولا يتركوا في جهالة من أمر أبنائهم، حتى يمكنهم متابعة أمورهم وتوفير المحامين الذين يباشرون الحضور عن المعتقلين أو المقبوض عليهم أمام جهات الشرطة وأمام النيابة العامة، ولا ريب أن وسيلة الاتصال التليفوني غدت في العصر الراهن هي أيسر وأسهل وسائل الاتصال ويتعين تيسيرهما وتمكين المعتقلين أو المقبوض عليهم من هذه الوسيلة، ومما لا شك فيه أن وضع هذا الحق موضع التنفيذ يستلزم تدخل الجهات التي يتم احتجاز المواطن بها، ومنها وزارة الداخلية، باستصدار قرار تمكن بمقتضاه المحتجزين لديها من الاتصال هاتفياً بذويهم أو أحد محاميهم فور احتجازهم على نحو يغدو معه امتناعها عن إصدار هذا القرار مخالفاً للقانون.
وأكدت المحكمة أنه بالنظر لما استقر المجتمع الدولي على أن الحق في الاتصال إثر الاعتقال أو الاحتجاز من ضمانات الحق في الدفاع الفعال فيحق لكل شخص متهم أن يتصل بحرية وعلى انفراد بمحاميه وذويه لإخبارهم بما وقع فيه على نحو يجعل الامتناع عن تمكينه من ذلك الاتصال يجافي ويتصادم مع نصوص ومبادئ دستورية راسخة….، وأن احترام اتفاقيات حقوق الإنسان لا ينال من سيادة الدولة، وأن القول بغير ذلك يتجافى مع الواقع والقانون، بحسبان أن الدولة في دستورها هي التي وضعت هذه الاتفاقيات موضع الاحترام والتقدير، فمن ينفذ التزامه الدستوري لا يجرح كبرياءه، بل يؤسس لنظام ديمقراطي يعلى من شأن الفرد وكرامته وحقوقه.
فالمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر، وصارت أحكامها جزءاً لا يتجزأ من التشريع الوطني، تؤكد على الإطار القانوني لحق المحتجزين والسجناء والمعتقلين في الاتصال بالعالم الخارجي والزيارة والمراسلة، باعتبار ذلك كله جزءاً من الإصلاح والتأهيل الاجتماعي الذي هو الهدف الأسمى للمعاملة العقابية في مفهومها الحديث.
4/ تمكين الطرف الأضعف:
كما تتضمن صور التقاضي الاستراتيجي فكرة تمكين الطرف الأضعف، أو الأولى بالحماية فتظله مظلتها وتناله حمايتها، ومن ذلك:
أ/ حماية الأمومة والطفولة والحق في العمل بالنسبة للمرأة:
حيث عرض على المحكمة الدستورية قضية ملخصها إن المدعية وهي من العاملات ببنك ناصر الاجتماعي قد رُخص لها مرتين بإجازة خاصة بدون مرتب لرعاية طفلها وحال عودتها للعمل رفض بنك ناصر منحها العلاوات الدورية التي منحت للعاملين فيه عن الفترة التي منحت فيها إجازة بدون مرتب لرعاية طفلها استنادا لنص المادة (76) من لائحة العاملين بالبنك، ومن ثم رفعت السيدة الدعوى رقم 8944 لسنة 59 قضائية بطلب أحقيتها في كامل رصيد هذه العلاوات وإضافتها لمرتبها، وقد ارتأت المحكمة أثناء نظر الدعوى شبهة بعدم دستورية تلك المادة فقد أحالت الدعوى للمحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية هذه المادة.
وتنص الفقرة الخامسة من هذه المادة على أنه: ( وفي جميع الأحوال لا يستحق العامل المصرح له بإجازة بدون مرتب أية علاوات إذا جاوزت مدة الإجازة ستة أشهر، بصرف النظر عن وجوده بالعمل في البنك من عدمه في تاريخ استحقاق العلاوات، وإذا كانت مدة الإجازة خلال السنة تقل عن ستة أشهر استحق جزءا من العلاوة يتناسب مع مدة عمله بالبنك في تلك السنة وفقا للآتي: من يعمل طول العام يستحق العلاوة كاملة، من يعمل تسعة أشهر وحتى أقل من 12 شهر يمنح ثلاثة أرباع العلاوة، من يعمل ستة أشهر وأقل من تسعة أشهر يمنح نصف علاوة، من يعمل أقل من ستة أشهر لا يستحق أي جزء من العلاوة).
وقضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفقرة الخامسة عاليه ومن ثم القضاء للمدعية بأحقيتها في كامل العلاوات الدورية أثناء فترة إجازتها لرعاية طفلها، واستندت المحكمة إلى أنه:
إلا أن نص الفقرة الخامسة من المادة 76 عاد ونقض غزل هذا الحق من بعد قوة أنكاثا، بأن حمَّل هذا الحق بأعباء وقيود تثقله وتجعل ممارسته إرهاقا للعاملة وحائلا دون تمكينها من التوفيق بين عملها وواجباتها نحو أسرتها وأطفالها تلك المكفولة بموجب أحكام المواد 9، 10، 11 من الدستور، وذلك بما تضمنه من قاعدة عامة أطلق حكمها لتسري على جميع العاملين بالبنك الذين يحصلون على إجازة خاصة دون مرتب، مؤداها قصر أية علاوات – على من يعمل بالبنك طوال العام-بما في ذلك العلاوة الدورية السنوية- ولا يستحق العامل أية علاوات إذا جاوزت الإجازة مدة ستة أشهر خلال السنة….، وعلى ذلك فإن مؤدى إطلاق أحكام هذه الفقرة أن العاملة بالبنك التي صرح لها بإجازة خاصة دون مرتب لرعاية طفلها تكون بالخيار بين أمرين: إما أن تضحي بحق طفلها لرعايتها حتى يضاف لراتبها العلاوة الدورية السنوية، بما يرفع قوته الشرائية عند عودتها للعمل، وإما أن تضحي بتلك العلاوة أو بجزء منها –رغم حاجتها الماسة لها- وتتفرغ لرعاية طفلها طوال مدة الإجازة المصرح لها بها، أو بجزء منها، وبذلك يكون النص التشريعي المحال –في النطاق السالف ذكره- قد خرج عن حدود تنظيم حق العاملة بالبنك في الحصول على هذه الإجازة إلى حد قد ينتقص من أصل هذا الحق من أطرافه، أو ينقضه من أساسه، مخلا بذلك بنصوص المواد (9، 10، 11) من دستور 1971.
ب/ المساواة في أداء الشعائر الدينية بين المسلمين والمسيحيين:
أقامت المدعية الدعوى رقم 15637 لسنة 29 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طالبة الحكم فيها بأحقيتها في احتساب إجازتها في الفترة من 28/3/2007 حتى 26/4/2007 إجازة خاصة بأجر كامل لأداء فريضة التقديس ببيت المقدس مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها عدم احتسابها من رصيد إجازاتها الاعتيادية وأثناء نظر الدعوى دفعت المدعية بعدم دستورية نص البند (1) من المادة (71) من قانون العاملين المدنيين بالدولة فيما أغفله من النص على أحقية العامل المسيحي في الحصول على إجازة خاصة بأجر كامل لمدة شهر طوال حياته الوظيفية لزيارة بيت المقدس، مع عدم احتسابها من الإجازات الأخرى التي يحصل عليها بأجر كامل. واستندت المحكمة إلى مبادئ الدستور المتعلقة بحرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية والمادة الخاصة بالمساواة وتلك الخاصة بالحق في العمل والحقوق المتفرعة عنه لتقضي في نهاية الأمر باعتبار أن النص المطعون عليه قد مثل مخالفة لهذه الأحكام الدستورية الراسخة في الدساتير المصرية المتعاقبة ومن ثم قضت في النهاية بعد دستورية الفقرة المشار إليها بمعنى تحقيق المساواة في أداء الشعائر الدينية بين المسيحيين والمسلمين.
الوحدة التدريبية التاسعة
بعض نماذج تجارب التقاضي الاستراتيجي
في مصر
هدف الوحدة التدريبية: تمكين المتدربين من الإلمام بنماذج كاملة من دعاوى التقاضي الاستراتيجي في مصر، سواء التي تم الحكم فيها أو بعض القضايا المتداولة.
الوسائل التدريبية: ورق قلاب، داتا شو، أقلام ملونة.
أسلوب التدريب: نقاش، تبادل خبرات، عصف ذهني،…
تمرين تحفيزي: العصا السحرية:
أدوات التمرين: عصا صغيرة تمثل العصا السحرية.
الإجراءات: يطلب المدرب من المتدربين الوقوف في دائرة، يمنح أحدهم العصا السحرية، يطلب منه أن يخبر المجموعة عن القرار الذي سيتخذه حال وجود العصا السحرية معه (ملحوظة قرار واحد ولماذا هذا القرار).
الهدف: تنشيط المجموعة، وقياس مدى علاقة القرارات بعملية التقاضي الاستراتيجي وتعزيز حقوق الإنسان.
مدة التمرين: 10 دقائق.
بعض نماذج تجارب التقاضي الاستراتيجي
في مصر
تمهيد:
مصر هي مهد التقاضي الاستراتيجي في المنطقة العربية ولذلك سنجد تجارب مصرية كثيرة في هذا الصدد، ربما تعود إلى زمن بعيد، مثلما الحال مع حكم محكمة أمن الدولة طوارئ في قضية إضراب عمال السكة الحديد في النصف الثاني من ثمانينات القرن العشرين والتي قضت ببراءة جميع العمال المتهمين بتهمة الإضراب بموجب أحكام العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي يجعل من الإضراب حقا مشروعا للعمال، كما أن المحكمة الدستورية العليا كانت مشجعا لهذا النوع من التقاضي وأصدرت العديد من الأحكام التي غيرت البنية التشريعية في مصر نحو قوانين أكثر مساواة بين الناس وأكثر احتراما للحقوق والحريات، بالإضافة إلى دور القضاء الإداري في هذا الصدد والذي قدم أحكاما تاريخية في تقرير حق المساواة وتعزيز حقوق الإنسان خاصة في العقد الأول والثاني من القرن الحالي، وما سنتناوله هنا ليست كل التجارب ولا حتى أكثرها فاستعراضها كلها لا تسعه هذه الأوراق وتحتاج من الجهد ما يستلزم أمدا طويلا، فقط نحاول استعراض بعض النماذج وبعض الحقوق وبعض الأحكام، مع ملاحظة تناولنا للتجارب الناجحة وحدها.
1/ دستورية قرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 بشأن حظر ختان الإناث، والمادة 242 من قانون العقوبات فيما تضمنته بشأن اعتبار ختان الإناث جريمة:
تتحصل وقائع الدعوى فى أن المدعى الأول كان قد أقام الدعوى رقم 13677 لسنة 61 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري، ضد كل من المدعى عليهما الأول (وزير الصحة) والثاني (مفتي جمهورية مصر العربية) طالبًا الحكم بصفة عاجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 الخاص بمنع ختان الإناث لمخالفته نصوص الدستور وأحكام الشريعة الإسلامية ، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه وما يترتب عليه من آثار.
وأقام المدعى دعواه على سند من أن قرار وزير الصحة السالف الذكر صدر دون سند مشروع، فضلاً عن مخالفته لأحكام الدستور والعادات والأعراف المستقرة، وأثناء تداول الدعوى تدخل المدعى الثاني والثالث منضمين إلى المدعى فى طلباته، وطلبوا وقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الجمهورية بإصدار القانون رقم 126 لسنة 2008 فيما تضمنه من إضافة المادة (242 مكررًا) إلى قانون العقوبات التى جعلت من ختان الإناث جريمة يعاقب عليها بالحبس أو الغرامة. كما أقام المدعى فى الدعوى رقم 32850 لسنة 61 قضائية دعواه ضد المدعى عليه الأول بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 السالف الذكر وفى الموضوع بإلغائه واعتباره كأن لم يكن بما يترتب على ذلك من آثار، ونعى المدعى على قرار وزير الصحة بحظر ختان الإناث مخالفته لأحكام الدستور والفتاوى الفقهية، وخلال نظر هذه الدعوى تدخل فيها المدعى عليهما الثانى والثالث انضمامًا للمدعى عليه الأول، وطلبا رفض الدعوى، وبعد أن قررت محكمة الموضوع ضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، قضت بجلسة 16/12/2008 بإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المادة (242 مكررًا) من قانون العقوبات وقرار وزير الصحة رقم 271 لسنة 2007 .
وكانت محكمة القضاء الإداري في حكمها بالإحالة قد رأت أن القرار المذكور يخالف الدستور من عدة أوجه:
أولا: انه طالما إن خفض الإناث (ختانهن) بالحدود المقررة شرعا على الوجه السالف بيانه هو أمر مباح – في ادني مراتبه – فكان الشأن فيه إن يتناوله المشرع تنظيما أو تقييدا بما يحقق صالح لفرد والجماعة ؛ وليس شانه الحظر والتجريم . وإذ كان ذلك الأمر مباحا يستوي فيه الفعل والترك ؛ فان شان المشروع التجريم على نحو ما تضمنته المادة 242 مكررا من قانون العقوبات المشار إليه ؛ هذا المسلك يدفع الراغبين فيه المنتصفين لرأى القائلين باستحسانه أو إباحته الملتمسين لما فيه من فوائد يقررها بعض ذوى الذكر من الأطباء ؛ يدفع أولئك نزول عندما يرونه حقا لهم إلى اللجوء إلى غير ذوى الاختصاص العارفين لإجراء التي هذا الخفض أو الختن ومن هنا يأتي المحظور وتترتب مفاسد أعظم من تلك التي يراد جلبها من منافع ؛ إن كانت ؛ ذلك إن غير العارفين لن يقتصرا على إجراء هذه العملية في الحدود المنضبطة ؛ ستستمر تلك الممارسات الجائرة المتجاوزة لحدود ما هي مباح أو مستحسن ؛ وما أعظمها مفسدة ؛ لاسيما وان هذا الأمر بطبعة محوط بالخفاء والكتمان خاصة لدى الكثير من غير ذوى الثقافة والمعرفة التي تمكنهم من معرفة ما ينبغي فعله وما يقتضى النهى عنه من ممارسات جائرة تقترن بعملية الخفاض.
ثانيا: حظر ختان الإناث- بكافة مراتبه – وبأي صورة كان ؛ وتأثيم هذا العمل وتجريمه بنص عقابي ؛ يؤدى إلى عزوف الأطباء وامتناعهم عن إجراء إيه عمليات جراحية في هذا الموضع نايا بأنفسهم عن الدخول في دائرة التجريم إزاء عموم التصريح بالحظر والتأثيم ؛ حتى ولو كانت الجراحات أو بعضها تستوجبها ضرورة طبية؛ ومن ثم فتن الحظر والتأثيم على هذا الإطلاق يحول دون استعمال النساء حقهن في التطبيب ؛ وهو حق يتصل بحقهن في الحياة لصيق بالشخصية منذ ولادتها ؛ وهو ما يعد معه ذلك الحظر والتجريم افتئاتا على هذا الحق ؛ بما يناهض إحكام الدستور المقررة الحقوق الإفراد وحرياتهم.
وقد انتهت المحكمة الدستورية العليا إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، غير أن ما يهمنا هنا هو تقرير هيئة المفوضين والتي أفاضت في شرح كافة جوانب الدعوى وتناولت النصوص محل الطعن بالبحث والدراسة من خلال مقارنتها بأحكام دستور 1971 والإعلانات الدستورية التي تلت ثورة الخامس والعشرين من يناير، كما أسهبت في شرح الآراء الفقهية التي تناولت الموضوع على نحو متكامل بما يقطع بإغلاق هذه المسألة برمتها فلا تثور ثانية، مع انتصارها وفقا للآراء الطبية التي استعرضتها والحقوق والحريات التي تتبعتها لحق المرأة في سلامة جسدها وعدم بتر أي عضو منه وبقائه كما خلقه الله لأداء وظيفته.
وجاء تقرير هيئة المفوضين الضخم في ثلاثة مباحث اشتمل أولهما على وقائع وإجراءات الدعوى وموقف محكمة القضاء الإداري منها، وتضمن المبحث الثاني شكل الدعوى ونطاق المصلحة فيها، أما المبحث الثالث فقد تناول موضوع الدعوى من جوانبه كافة من خلال ثلاثة مطالب، تعلق أولها بالنصوص الطعينة وما يتعلق بها، وثانيهما تعرض لبعض المفاهيم الأساسية حول ختان الإناث وما يتعلق به من أحكام، والثالث تناول مسألة رقابة دستورية القوانين في ضوء الإعلان الدستورية الصادر في 30 مارس 2011.
وقد خلص تقرير هيئة المفوضين إلى:
أ/ لا بد إن نفرق وبكل دقة بين الفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية؛ بين أقوال الفقهاء وبين ما تورده مصادر الشريعة الإسلامية الصحيحة فقد عرف العلماء الفقه بأنة العلم بالأحكام الشرعية العملية ؛ علما مستمد من الأدلة التفصيلية أى من نصوص القران الكريم والسنة النبوية الصحيحة والإجماع بشروط ، المقرر في علم أصول الفقه والقياس المستوفى لشروط الصحة.
ب/ اختلف الفقهاء في حكم الختان على رأيين أولهما يرى مشروعيته وانقسموا في درجة هذه المشروعية هل هو سنة نبوية، أم واجب أم مكرمة. أما الفريق الثاني فيرى عدم وجود حكم شرعي للختان.
ج/ تناول التقرير بيان مجمع البحوث الإسلامية بتاريخ 28 يونيو 2007 ومما جاء فيه:
ناقش مجمع البحوث الإسلامية القضية من جانبها الفقهي والصحي …. واجمع أعضاؤه على أن التحقيق العلمي يكشف فى جلاء عن أنه ليس هناك أصل من أصول التشريع الإسلامي أو أحكامه الجزئية يجعل من هذه العادات أمرا مطلوبا بأى وجه من أوجه الطلب… وإنما هي عادة ضارة انتشرت واستقرت فى عدد من المجتمعات المسلمة… وقد ثبت ضررها وخطرها على صحة الفتيات على النحو الذي كشفت عنه الممارسات فى الفترة الأخيرة لذا وجد المجلس أن من واجبه أن ينبه إلى هذه الحقيقة العلمية والصحية وإلى ضرورة تنظيم حملة إرشادية وإعلامية تحذر المواطنين من ممارسة هذه العادة الضارة.
د/ كما أورد التقرير بيان دار الإفتاء المصرية حول قضية الختان، ومما جاء فيه:
دار الإفتاء المصرية تقرير إن ختان الإناث من قبيل العادات وليس من قبيل الشعائر؛ فالذي هو من الشعائر إنما هو ختان الذكور باتفاق.
وبعد البحث والتقصي وجدنا أن هذه العادة تمارس بطريقة مؤذيه ضارة تجعلنا نقول إنها حرام شرعا. ولقد عبر عن هذا جماعة كثيرة من العلماء بعد بحوث مستفيضة طويلة وبعبارات مختلفة: منهم المرحوم الشيخ / محمد عرفة؛ عضو جماعة كبار العلماء فى مقال له فى الأزهر رقم 24 لسنة 1952 فى صفحة (1242)؛ حيث قال : ” فإذا ثبت كل ذلك فليس على من لم تختن من النساء من بأس” ثم استطرد فقال:” وإذا منع فى مصر كما فى بعض البلاد الإسلامية كتركيا وبلاد المغرب فلا بأس؛ والله الموفق للصواب”.
وفى فتوى له يقول فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأستاذ الدكتور / محمد سيد طنطاوي : أما بالنسبة للنساء فلا يوجد نص شرعي صحيح يحتج به على ختانهن؛ والذي أراه أنه عادة انتشرت فى مصر من جيل إلي آخر؛ وتوشك أن تنقرض وتزول بين كافة الطبقات ولا سيما طبقات المثقفين. ويقول الدكتور / يوسف القرضاوي – فى بحثه المقدم عن الحكم الشرعي فى ختان الإناث : وبناء على هذا الأصل المقرر المتفق عليه “يقصد إبقاء خلق الله تعالى ما خلقه وعدم تغييره) يكون ختان المرأة أو خفاضها بقطع جزء من جسمها بغير مسوغ يوجبه : أمرا غير مأذون به أو محظور شرعا.
ه/ الثابت طبيا لاسيما فى علوم طب النساء وعلم التشريع إن الجهاز التناسلي للأنثى فى شكله الذي خلفه الله تعالى ليس مرضا ولا هو سبب لمرض؛ ولا يسبب ألما من أى نوع مما يقتضى تدخلا جراحيا؛ ومن ثم فان المساس بهذا الجهاز الفطري بالغ الحساسية مع أى صورة كان الختان عليها لا يعد فى صحيح حكم القانون علاجا لمرض أو كشف عن داء أو تخفيفا لألم قائم أو منعا لألم متوقع مما تتاح الجراحة بسببه؛ ويعتبر هذا التدخل إذا كان لغير ضرورة حتمية تقتضيه أو لغير قصد العلاج من تشوه خلقي أو من حالة مرضية؛ عملا غير مشروع إذ يفتقد عندئذ أحد شروط إباحة الإعمال الطبية التي يقوم عليها حق الطبيب أو الجراح فى علة المرض.
و/ رصد التقرير أضرار عملية الختان والتي أقرها الأطباء والتي قد تشتمل على ما يلي: النزيف، الصدمة العصبية، التلوث والعدوى والالتهابات، إصابة الأعضاء المجاورة واحتباس البول، مضاعفات مزمنة تستمر سنوات طويلة كالتهابات الجهاز البولي ومجرى البول، فضلا عن الأضرار النفسية التي تحدث للبعض.
ز/ وخلص التقرير إلى رأي هيئة المفوضين في عملية الختان بأنها: ومن ثم فيمكن القول بان الختان كان جائز وكان موجودا قبل الإسلام ؛ ولم يأتي الإسلام لتأكيد شرعيته؛ ولم يأمر أيضا بتحريمه بنص قاطع كما هو الحالة بالنسبة الخمر قبل أن ينزل الأمر من القران بتحريمها؛ وكمسألة الجمع بين الأختين قبل تحريمها.
ولقد سمى الفقهاء هذا الحال وأشباهها بمرتبة العفو وقرروا أنها مرتبة بين المباح والحرام بمعنى أنه لا يمكن أن يكون متساو النفع والضرر ولا متساو الفعل والترك شان المباح، ونحن نرى أن ختان الإناث يندرج فى مرتبة العفو أى الأمور المعفو عنها؛ ولا يندرج تحت المباح؛ لأنها لا يتساوى ضرره مع نفعه ولا فعله مع تركه؛ فمن كان يجرى الختان للإناث لم يكن يدرى ضرره وما يتسبب فيه للأنثى من مضار بدنية ونفسية.
2/ أحقية العامل/ة في الجمع بين مكافأة نهاية الخدمة والتعويض عن الفصل التعسفي:
تتلخص وقائع الدعوى في قيام السيد “مارك لافارنى” مدير مركز الدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية والاجتماعية (سيداج) بإرسال خطابات في 14 ديسمبر 2009 للعاملين بقسم التوثيق والمكتبة وهم 7 موظفين محليين (رجل، وست عاملات). يخطرهم فيها بإنهاء مهام عملهم وتصفية هذا القسم، تحت دعاوى مثل: التعلل بالظروف الاقتصادية التى يمر بها المركز تارة، وبين زعم بضرورة نقل المركز من القاهرة إلى الإسكندرية تارة أخرى.
وكلف العمال المهددون بالفصل المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بتمثيلهم والعمل على حصولهم على حقوقهم، وتمت المفاوضات بين المركز ومسئولي (سيداج) والسفارة الفرنسية بالقاهرة وانتهت بالفشل وعدم التوصل إلى حل.
ومن ثم رفع المركز الدعوى رقم 155 لسنة 2010 أمام الدائرة (30) عمال بمحكمة جنوب القاهرة وتدوولت الدعوى بالجلسات حتى انتهت المحكمة إلى:
(بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعية مبلغ مائة وثمانية وأربعون ألف وأربعمائة وعشرة جنيهات كمكافأة نهاية الخدمة ومبلغ ثلاثمائة وخمسون ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا عن الإنهاء التعسفي لعقد العمل…).
واستندت المحكمة وهي بصدد تشييد حكمها على أنه:
- وحيث أن خلو القانون من نص يجيز إلغاء قرار إنهاء خدمة العامل وإعادته لعمله مؤداه أن القرار الصادر بإنهاء الخدمة تنقضي به الرابطة العقدية بين العامل وصاحب العمل ولو اتسم بالتعسف ، ولا يخضع لرقابة القضاء إلا فى خصوص طلب التعويض عن الضرر الناجم عنه إن كان له محل ما لم يكن هذا الإنهاء بسبب النشاط النقابي.
- وحيث إنه وعن طلب صرف مكافأة نهاية الخدمة ولما كان ومن المقرر بنص المادة 147 من القانون المدني أن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين ، أو للأسباب التى يقررها القانون وحيث إنه ومن المقرر بقضاء النقض أن المشرع اعتبر العقد قانون المتعاقدين وشريعتها الحاكمة لما ما يثور بشأن تنفيذه من منازعات، ولذلك لم يجز المشرع نقض العقد أو تعديله إلا باتفاق طرفيه، أو للأسباب التى يقررها القانون ، كما أوجب القانون تنفيذ العقد طبقا لما اشتملت عليه بنوده وبطريقة يتفق مع ما يوجبه حسن النية – يترتب على ذلك : أنه فى حالة قعود أى من طرفي العقد عن تنفيذ الالتزامات الناشئة عنه يكون للطرف الأخر إجباره على ذلك بالوسائل التى جعلها القانون فى يد الدائن لحمل مدينة على الوفاء وفقا للقواعد التى ينظمها القانون للتنفيذ الجبري للالتزامات بصفة عامة سواء كانت ناشئة عن الإراده أو عن أى مصدر آخر من مصادر الالتزام، فضلا عن إلزامه بتعويض أية أضرار ترتب للدائن عن تأخيره فى تنفيذ التزاماته طواعية – المسئولية العقدية عن التعويض – شأنها شأن المسئولية التقصيرية – من أركانها فيلزم لقيامها توافر الخطأ من المسئول والضرر لدى طالب التعويض ، وأن يكون الضرر ناتجا عن الخطأ.
- وحيث إنه على الطرف الذي ينهى العقد أن يفصح عن الأسباب التى أدت به إلى هذا الإنهاء فإذا لم يذكرها قامت قرينة كافية لصالح الطرف الأخر على أن إنهاء العقد وقع بلا مبرر ومن ثم فإذا ذكر صاحب العمل سبب الفصل العامل فيس عليه أثبات صحة هذا السبب وإنما يكون على العامل عب إثبات عدم صحته وأن الفصل لم يكن ما يبرره فإذا اثبت العامل عدم صحة المبرر الذي يستند إليه صاحب العمل فى فصله كان هذا دليلا كافيا على التعسف لأنه يرجح ما يدعيه العامل من أن فصله كان بغير مبرر أما إذا لم يذكر صاحب العمل سبب فصله للعامل كان ذلك قرينة لصالح الأخير على أن إنهاء العقد تم بلا مبرر.
- وحيث أن المدعى عليه لم يبرر إنهاء عقد عمل المدعية لعدم ثبوت كفاءتها وإخلالها بالتزاماتها الجوهرية وفقا لحكم المادة 110 / 2 من قانون العمل ، كما لم يقم بإخطارها كتابة قبل الإنهاء حتى يتسنى لها أن تبحث عن عمل آخر يكون موردا لرزقها ووسيلة لتعيشه، الأمر الذي يعتبر إنهاء غير مشروع مشوبا بالتعسف من جانب المدعى عليه يحمل الطرف المنهي بالمسئولية تجاه الطرف المدعى.
3/ إلزام الحكومة بوضع حد أدنى للأجور:
واحد من أهم أحكام التقاضي الاستراتيجي في مجال حماية الحقوق المتفرعة عن الحق في العمل وهو الأجر بشروطه أن يكون كافيا لحياة كريمة ومرضية وملائمة للعامل وأسرته.
هذه الدعوي من بدايات القضايا التي عمل عليها المركز المصري للحقوق الاقتصاديه والإجتماعيه في 2010 :
وتتلخص الدعوى في قيام المدعى برفع الدعوى رقم 21606 لسنة 63 ق بطلب الحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري السلبي بالامتناع عن وضع حد أدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل والتدابير التى تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار وقدذكر المدعي في دعواه أنه أرسل برقية إلى المدعى عليه الثالث (وزير التخطيط) يطالبه فيها بوضع حد أدني للأجور على المستوي القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل والتدابير التى تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار نفاذاً لنص المادة (34) من قانون العمل، إلإ أن المدعي عليه الثالث لم يحرك ساكناً ورأى أن ذلك يشكل قراراً سلبيا بالامتناع عن وضع حد أدني للأجور. وتداولت الدعوى بالجلسات حتى قضت المحكمة:
(بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار السلبي للمجلس القومي للأجور بالامتناع عن وضع الحد الأدنى للأجور مع ما يترتب علي ذلك من آثار). واستندت في ذلك إلى:
أ/ كفلت المواثيق والاتفاقيات الدولية حق العمال في الحصول على أجر عادل وضمان حد أدني للأجور كالاتفاقيات الدولية الخاصة بالعمل بداية من الاتفاقية رقم (26) التى اعتمدها مؤتمر العمل الدولي عام 1928 والاتفاقيات اللاحقة، كذلك الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/12/1966 وتم الموافقة عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 1981 ونشرت بالجريدة الرسمية بتاريخ 8/4/1982 ولها قوة القانون في البنيان القانوني المصري، وقد تضمنت هذه الاتفاقية في المادة (7) التزام الدولة بكفالة حق العمال في شروط عمل صالحة وعادلة تكفل لهم أجوراً عادلة ومعيشة شريفة لهم ولعائلاتهم.
ب/ والأجر العادل للعامل – وبغض النظر عن الخلاف حول تحديده من مفهوم اقتصادي- يجب أن يضمن الحياة الكريمة للعامل ولأسرته التي يعولها، فكل من يعمل يجب أن يعيش حياة كريمة هو وأسرته من عائد عمله بمراعاة قيمة العمل الذي يقوم به وبما يتناسب مع الظروف الإقتصاديه للمجتمع، وإن اختلت هذه المعادلة فإن ذلك يكشف عن خلل اقتصادي واجتماعي، ولا سبيل إلى تحقيق الأجر العادل إلا بضمان حد أدني لأجور العمال، فالعامل هو الطرف الضعيف في علاقة العمل وحمايته واجبة، الأمر الذي يستلزم ضمان حد أدني للأجور، لا يجوز أن يقل عنه أجر أى عامل ويضمن الحياة الكريمة للعامل ويتناسب مع ظروف المعيشة والارتفاع المستمر فى أسعار السلع والخدمات.
ج/ ومن حيث إن مقتضي نص الدستور علي ضمان حد أدني للأجور، ونص المشرع في قانون العمل علي إنشاء مجلس قومي للأجور يختص بوضع الحد الأدنى للأجور، أن دور الدولة في هذا الشأن هو دور إيجابي وليس دوراً سلبياً، فلا يجوز لجهة الإدارة أن تترك تحديد أجرة العمال لهوي أرباب الأعمال من أصحاب رأس المال دون التزام منهم بحد أدني للأجور، مستغلين حاجة العمال إلي العمل، وإجبارهم علي تقاضي أجور غير عادلة، لا تتناسب مع الأعمال التي يؤدونها، ولا تساير ارتفاع الأسعار وزيادة نفقات المعيشة، وعلي جهة الإدارة أداء الالتزام المنوط بها دستورياً وقانونياً بضمان حقوق العمال وكفالة الأجر العادل لهم، وعليها واجب التدخل لضمان الحد الأدنى لأجور العمال، ولا يجوز لها أن تتخلي عن واجبها إهمالاً أو تواطؤاً.
4/ حبس صاحب العمل لاعتدائه على حق العمال في العمل بوسائل غير مشروعة:
الجنحة رقم 17888 لسنة 2010 جنح مركز طنطا، و الجنحة رقم 3352 لسنة 2012 جنح قويسنا أرسى الحكم فيهما مبدأ قضائيا جديدا يتضمن الحماية الجنائية للحق في العمل وانتهت المحكمة في كلا منهما إلى القضاء بحبس مالكي الشركتين سنتين لاعتدائهم علي حقوق العمال وعدم توفير مواد خام لتشغيل المنشأه
وقد إستند الحكم الثاني إلي : حيث أنه مم تقدم وبالبناء عليه ولما كان الثابت فى عقيدة المحكمة ومن مطالعة الاوراق ارتكاب المتهمين الاربعة للجريمة المبينة بنص المادة 375 ع وذلك على النحو الثابت باقوال محمود… ..رئيس قسم الصيانة بالشركة بتحقيقات نيابة استئناف طنطا المرفقة بالأوراق من وجود خلافات بين الشركاء منذ عام 1999 ادى ذلك إلى عدم وجود المنتج وعدم تجديد الميكنة وتحديثها وايجاد قطع الغيار وعدم الانفاق عليها مما أدى إلى تدهور الانتاج وعدم صرف رواتب العمال وترك المصنع فى يد لجنة إدارية قامت ببيع وسائل الانتاج والاراضى واسطول النقل وان ضعف الانتاج لم يكن بسبب تقصير العمال وكان البيع يتم رغم صلاحية ادوات الانتاج للعمل وان المتهمين تعمدوا عدم اصلاح أو صيانة أو تجديد وإحلال الميكنة حتى يسوء الوضع ويستطيعوا اغلاق الشركة وتنفيذ اغراضهم فى تسريح العمالة دون خساره أو سداد مبالغ للعمال مما أدى إلى ترك العمال للعمل لسوء الاحوال بالشركة
واستندت هذه الأحكام لنص المادة 375 من قانون العقوبات والتي لم يتم تطبيقها من قبل على أصحاب الأعمال رغم أن هذا التشريع صدر منذ 1945 وتعد تلك سابقة قضائية تؤكد الحماية الجنائية على الحق في العمل ومنع أصحاب الأعمال من استخدام أية تدابير غير مشروعة لمنع العمال من ممارستهم لحقهم في العمل سواء بإخفاء أدوات العمل أو ملابس العمال أو غلق المنشأة تعسفا أو غيره.
5/ الحكم بتمكين جميع المحبوسين إحتياطيا والمحبوسين في جنح غير ماسه بالشرف والأمانه من التصويت في أول إنتخابات لمجلس الشعب بعد ثورة يناير 2011 المرحله الثالثه:
في 27/12/2011 صدرحكم قضائى جديد من محكمة القضاء الادارى ببنها فى الدعوى القضائية رقم 2168 لسنة 13قضائية بإلزام كلا من رئيس اللجنة العليا للانتخابات، ورئيس المجلس العسكرى، والنائب العام، ووزيرى الداخلية والعدل، ورئيس مصلحة السجون بتمكين كافة المحبوسين احتياطياً على دمة كافة الجرائم، وكذا كافة المحبوسين تنفيذاً لأحكام قضائية فى جرائم غير مخلة بالشرف من الإدلاء بأصواتهم فى انتخابات مجلس الشعب التى ستجرى فى محافظة القليوبية يومى 3 ،4 يناير 2012
وذهبت عريضة الدعوي إلي أن حق الترشيح والانتخاب من الحقوق الدستورية الهامه فلا تقوم الديمقراطية التي تنشدها الدول المتقدمه وتسعى إليها والتى أصبحت إرادة الشعب المصرى على المحك بها وستقوم مصر من عثرتها وتقدم المثل والقدوه للجميع لذا فإن دساتير العالم المتقدم _ ومن بينها الدساتير المصريه المتعاقبه _أعلت من هذا الحق ووفرت له الحماية اللازمة للوفاء به بل وإرتقت به إلي مرتبة الواجب الدستوري وقد ذهب الاعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 فى أكثر من موضع على التأكيد على أن السياده للشعب الذى هو مصدر السلطات والذى تصدر الاحكام بإسمه وأن المواطنون متساوون لا تمييز بينهم وأن المقيد حريته يعامل بما يحفظ عليه كرامته لا يؤذى بدنيا ولا معنويا وإذا كان المحبوس إحتياطيا قيدت حريته لجرم أوذنب محتمل ثبوته فإن هذا لا يعنى أن يمنع من حق وواجب وشرف المشاركه فى بناء وطنه عن طريق التصويت والإنتخاب لممثلين لهم ولسائر المواطنين داخل البرلمان ولا شك أن حرمانه من التصويت هو إيذاء معنوى وإهدار لكرامته لا سيما أن قانون مباشرة الحقوق السياسيه لا يمنع المحبوسين في جنح غير ماسه بالشرف والأمانه من التصويت
وقد إنتهت محكمة القضاء الإداري ببنها إلي الإستجابه لطلباتنا والحكم بتمكين جميع المحبوسين في جنح غير ماسه بالشرف والأمانه من التصويت في انتخابات مجلس الشعب المرحله الثالثه والتي جرت بعد ثورة يناير بناء علي دعوي أقمناها عن أحد المرشحين في هذه الانتخابات
6/ بعض القضايا المتداولة في التقاضي الاستراتيجي:
يوجد عدد من القضايا المتداولة التي نسعى من خلالها إلى تمكين الفئات الأضعف وتغيير البنية التشريعية تعزيزا للمساواة وسيادة القانون وبحثا عن تمتع المواطنين بحقوقهم وحرياتهم، ومن هذه القضايا:
أ/ حق المرأه المطلقه في الولاية الشرعية على صغارها:
وأوضحت عريضة الدعوى أنواع الولاية الثلاث بقولها:
ولاية التربية: وهى الحضانة وغايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه فى الفترة الأولى من حياته التى لا يستغنى فيها عن النساء ممن لهن الحق فى تربيته شرعاً والأصل في هذه الولاية هو مصلحة الصغير وهي تثبت للنساء بلا خلاف في ذلك.
أما الولاية على النفس والولاية على المال فهما بحسب الأصل للرجال.
وقد استندت عريضة الدعوى في مجال طلب ولاية المرأة على صغارها إلى:
- وحيث إن أية قاعدة قانونية ولو كان العمل قد استقر عليها أمداً، لا تحمل فى ذاتها ما يعصمها من العدول عنها وإبدالها بقاعدة جديدة لا تصادم حكماً شرعياً قطعياً وروداً ودلالة، وتكون فى مضمونها أرفق بالعباد وأحفل بشئونهم وأكفل لمصالحهم الحقيقية التى يجوز أن تشرع الأحكام لتحقيقها، وبما يلائمها.
- يسوغ الاجتهاد فى المسائل الخلافية التى لا يجوز أن تكون أحكامها جامدة بما ينقض كمال الشريعة ومرونتها. وليس الاجتهاد إلا جهداً عقلياً يتوخى استنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية، وهو بذلك لا يكون تقليداً محضاً للأولين، أو افتراء على الله كذباً بالتحليل أو التحريم فى غير موضعيهما، أو عزوفاً عن النزول على أحوال الناس والصالح من أعرافهم. وإعمال حكم العقل فيما لا نص فيه توصلاً لتقرير قواعد عملية يقتضيها عدل الله ورحمته بين عباده، مرده أن هذه القواعد تسعها الشريعة الإسلامية، فهي غير منغلقة على نفسها، ولا تضفى قدسية على أقوال أحد من الفقهاء فى شأن من شئونها.
- ونظرا لتغير الظروف والأحوال ووجود بعض التعقيدات والروتين الذي تواجهه الأم الحاضنة إذا كانت مطلقه وحاجتها إلي الولاية علي صغيرتها وعدم كفاية الحضانة وحدها خاصة عند تخلي الأب عن رعايتها لصغيرته وغيابه الدائم فإن الأمر يتطلب من المحكمة أن تتدخل لحماية الصغيرة بمنح الولاية الشرعية لامها لمواجهة المتغيرات التي طرأت علي المجتمع.
- واستندت العريضة كذلك إلى الأحكام المتعلقة بالمرأة والطفل في دستور 2014 ومنها التزام الدولة بكفالة تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، و تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، و برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي والتجاري، وتعمل الدولة على تحقيق المصلحة الفضلى للطفل في كافة الإجراءات التي تتخذ حياله”، فضلا عن استنادها لعدد من أحكام الدستورية العليا والتي توضح أن الاجتهاد الفقهي غايته التيسير على العباد وأنه لتحقيق المصالح وأنه ليس جامدا غير قابل للتجديد.
ب / طعن يطالب الحكومه بإصدار لائحه تنفيذيه لقانون بناء الكنائس :
علي الرغم من صدور القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن تنظيم وبناء وترميم الكنائس إلا أن اللائحه التنفيذيه لهذا القانون لم تصدر حتي الأن، الأمر الذي يؤدي إلي المساس بمبدأ المساواه في حرية الإعتقاد وحق ممارسة الشعائر الدينيه
هناك إشكاليات كثيره بسبب عدم وجود لائحه لتنظيم كثير من المسائل والمشكلات القائمه حتي أن القانون ذاته أحال إلي صدور قانون أخر لتنظيم البناء داخل الاديره و الكنائس الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل العمل بالقانون وبالتالي إفراغ للنص الدستوري من مضمونه بعدما ألزم الدستور البرلمان أن يسارع إلي سن قانون لتنظيم بناء الكنائس في أول دور إنعقاد له إلا أن القانون صدر مجملا غير مكتمل ويوجد فراغ تشريعي لكثير من المسائل التي تجاهلها القانون الأمر الذي يستدعي وجود لائحه تنفيذيه لهذا القانون